لكن المرض اشتد على السلطان وأدركَهُ الموّت نهاية عام 1358م 759هـ ولم يفِي بوعد العفو، فبقي ابنُ خلدونٍ مُكبلاً حتّى بادر الحسن ابن عمر القائمُ بأعمال الدوّلة بعد السلطان بإطلاقه وردّه لوظائفه وأحسنَ رعايتَهُ
*لكن ولاء ابن خلدون للسلطان منصور ابن سليمان لم يدم، فقد وصل السلطان أبو سالم ابن أبي عنان من الأندلس لغمازة وبدأ يدعو الناس إليه فوافقوا، ولتثبيت دعوته اتصل بابن خلدونٍ سراً فلبّاه، وأخذ يُحاول إقناع الشيوخ والوجهاء بأحقية أبي سالم بسلطان أبيه. بعدها ارتحل ابن خلدونٍ مع جماعةٍ من الشيوخ والفقهاء من جوار منصور ابن سليمان ليلتحقوا بأبي سالم، وحينها عرض ابن خلدونٍ خطّته لعزل المنصور، فسار مع قومه وابن خلدون في ركبهم نحو فاس وفرّ السلطان منصور ابن سليمان، ويعلل ابن خلدون تخليه عن ابن سليمان بقوله: «لِمَا رأيت من اختلال أحواله ومصير الأمر إلى السلطان»
*بعد استيلاء أبي سالم على السًلطة عُيّن ابن خلدون كاتب السرِ والإنشاء، وكان موضع ثقةٍ وعطف، واتخذ حينها أسلوباً جديداً في الكتابة فقللّ من الأساليب البديعية في لغة التخاطب الرسمية وجعل الكلام أشد وضوحاً وأكثر خلواً من الزخارف اللفظية إضافةً لتضمين بعض أبيات الشعر في وسط الرسائل، ومن أشهر ما ضمّنه قصيدةٌ رفعها للسلطان في عيد المولد النبوي يُعدد فيها مناقب النبي ومعجزاته ويمتدح السلطان