العوده الي مصر :-
ما لبث ابن خلدون بعد الوصول للقاهرة حتّى ردوا له منصب القضاء؛ وكان حينها قد بلغ من العُمر أربعة وسبعين عاماً، لكنه ما فتئ يحلم بأن يرقى في المناصب، ويقول في وصف ذلك أحد مؤرخي مصر: «رحمّه الله، ما كان أحبَّه في المنصب». وكانتِ المناصب مكاناً للمعارك بين الخصوم فقد أشاع أعداء ابن خلدون أنّه قضى في حوادث دمشق في سعيهم لإقصائه تماماً، لكنّه استعاد المنصب بعد رجوعه وبقي فيه قُرابة عامٍ قبل أن تودي به الدسائس للعزل في رجب من سنة 804هـ، وولّي على المنصب شمس الدين البساطي والذي عُزل بعد ثلاثة أشهر وأُعيد ابن خلدون إليه في السادس عشر من ذي الحجة قبل أن يُعزل مرّة أُخرى في السابع من ربيع الأول سنة 806هـ ويُعاد البساطي.
لكن ابن خلدون رُدّ لمنصب القاضي للمرة الخامسة في شعبان من سنة 807هـ وعُزل بعد ثلاثة أشهر في 26 من ذي القعدة، وخلفه جمال الدين الأقفهسي الذي استمر في المنصب لثلاثة شهورٍ وخلفه جمال الدين التنسي ثمّ أُعيد البساطي في ربيع الأول سنة 808هـ(5) وعُزل في شعبان من العام نفسه ليعود ابن خلدون للمرّة السادسة لولاية القضاء ويمكث بها أسابيع حتّى وفاته.