شيوخه ومن روى عنهم
أتاحت للإمام البخاري رحلاته الكثيرة وتطوافه الواسع في الأقاليم لقاء عدد كبير من الشيوخ والعلماء، حتى بلغوا أكثر من ألف رجل. قال البخاري: «كتبت عن ألف وثمانين نفساً ليس فيهم إلا صاحب حديث.» وقال: «دخلت بلخ فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه فأمليت ألف حديث عن ألف شيخ.» ولم يكن البخاري يروي كل ما يأخذه أو يسمعه من الشيوخ بل كان يتحرى ويدقق فيما يأخذ، فقد سئل مرة عن خبر حديث فقال: « يا أبا فلان تراني أدلس؟! تركت أنا عشرة آلاف حديث لرجل لي فيه نظر، وتركت مثله أو أكثر منه لغيره لي فيه نظر.»
وقد اهتمّ العلماء بذكر شيوخ البخاري فسمّاهم بعض العلماء ورتّبهم على الأقطار ورتّبهم بعضهم حسب الطبقة، ورتّبهم بعضهم حسب عدد الروايات، ورتّبهم بعضهم على حروف المعجم. قال النووي: «هذا الباب واسع جداً لا يمكن استقصاؤه، فأنبه على جماعة من كل إقليم وبلد، ليستدل بذلك على اتساع رحلته، وكثرة روايته، وعظم عنايته.» ومن أهم وأبرز شيوخ البخاري الذين أّثروا في تكوينه العلمي ومنهجه الحديثي: علي بن المديني، وهو من أكثر الشيوخ الذين تأثر بهم البخاري، قال: «ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.» وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، والفضل بن دكين. ومن أهمّ شيوخه الذين سمع منهم في البلدان........