7JEWMSJD2M

ذهب الخليفة المنصور للحج عام 158 هـ، 775 م، وكان ابنه محمد «المهدي» قد خرج ليشيعه في حجه، فأوصاه بإعطاء الجند والناس حقهم وأرزاقهم ومرتباتهم، وأن يحسن إلى الناس، ويحفظ الثغور، ويسدد دينًا كان عليه مقداره ثلاثمائة ألف درهم، كما أوصاه برعاية إخوته الصغار، وقال: إنني تركت خزانة بيت مال المسلمين عامرة، فيها ما يكفى عطاء الجند ونفقات الناس لمدة عشر سنوات. ونزل المنصور بقرية قد أفرغها سيدها من أهلها وقرأ على الجدار أبيات شعر فيها علامة على وفاته.

كان ممن غضب لمقتل أبي مسلم الخراساني، رجل مجوسي اسمه «سُنباذ»، فثار والتف حوله الكثيرون من أهل «خراسان»، فهجموا على ديار المسلمين في نيسابور و«قومس» و«الري»، فنهبوا الأموال وقتلوا الرجال وسبوا النساء، ثم تبجحوا، فقالوا: إنهم عامدون لهدم الكعبة، فأرسل إليهم المنصور جيشًا بقيادة جمهور بن مرار العجلي، فهزمهم واستردَّ الأموال والسبايا، ولا يكاد أبو جعفر يتخلص من «سنباذ» سنة 137 هـ/ 756 م، حتى واجه ثائرًا ينادى بخلع المنصور، إنه «جمهور بن مرار العجلي» قائد جيوش المنصور التي هزمت «سنباذ».

وحين نجحت الدعوة العباسية وأطاحت بالدولة الأموية؛ تولى أبو العباس السفّاح الخلافة سنة (132 هـ/750 م) واستعان بأخيه أبي جعفر في محاربة أعدائه والقضاء على خصومه وتصريف شؤون الدولة، وأرسله كذلك لقتال إسحاق بن مسلم العقيلي في سميساط في الجزيرة الفراتية وأحد قادة مروان بن محمد وكان عند حسن ظنه قدرة وكفاءة فيما تولى، حتى إذا مرض أوصى له بالخلافة من بعده، فوليها في ذي الحجة 136 هـ/ يونيو 754 م) وهو في الحادية والأربعين من عمره.

نشأ أبُو جَعْفَر بين كبار رِجال بَني هاشِم والذين كانوا يسكنون الحُمَيْمَة مِن بلاد البَلقاء في جُندُ الأُردُن، فكان أبوه هو الإمامُ مُحَمَّد بن عَليُّ العَبَّاسِيّ، ويُعرف بلقب الكامِل، وقد تولَّى الإمامة مِن أبي هاشِم عَبدُ الله بن مُحَمَّد بنُ عليُّ بن أبي طالِب، والذي أوصى أتباعُه، فيما يُعرف الكَيسانيَّة لاتِّباع الإمام مُحَمَّد مِن بعده، فضبط شأن الدَّعوة ونظَّمها، واستعان في تحرُّكاتِه بالسَّريَّة والكِتمان، واختار رجالِه وأنصارِه بدِقَّة، كما اعتنى بمعرفة الأماكن التي يتحرَّك فيها النُّقباء والدُّعاة، حيث اختار منطقتين، هُما الكُوفَة لكثرة الأصوات المُناهضة لحُكم بنُو أُميَّة، وتعاطُفهم مع بَني هاشِم، وتحديداً العَلَويين، والمنطقة الأخرى هي خُراسان، وأدارها مِن مكانِه في الحُمَيْمَة كونّها مقرُّ الإقامة.

حَدَث في أيَّامِ سَجنِه، قِصَّة عجيبة، فقد التقى أبو جَعْفَر، برجُلٍ فارِسيّ يُدعى نُوبَخْت المُنجِّم، فرأى على أبو جَعْفَر علامات الرياسَة، فسألهُ نُوبَخْت عمَّن يكُون، فأجاب أبو جَعْفَر عن نَسَبِه، وكنيتِه، فقال لهُ نُوبَخْت: «أنتَ الخَليفةُ الذي تُلي الأرض»، فقال لهُ أبو جَعْفَر:«ويحك! ماذا تقُول؟»، فقال: «هُو ما أقولُ لَك! فضع لي خطَّك في هذهِ الرُّقعة أن تُعطيني شيئاً إذا وُلَّيت»، فكَتَب لهُ، وبعد مُرور عُقود، وتولَّى أبو جَعْفَر المَنْصُور للخِلافَة، جاؤهُ نُوبَخْت، فأكرَمهُ المَنْصُور، وأعطاه، وقد أسلَمَ نُوبَخْت على يَديه، وكان يُدينُ بالمَجُوسِيَّة، وأصبح من المُقرَّبين إليه.

حول

اميرُ المُؤمِنين وخليفةُ المُسْلِمين أبُو جَعْفَر عَبدُ الله المَنْصُور بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبدِ الله بن العَبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ القُرشيّ (صَفَر 95 - السَّادِس مِن ذُو الحجَّة 158 هـ / نُوفَمْبَر 713 - السَّادِس مِن أُكتُوبَر 775 م) المعرُوف اختصارًا أبُو جَعْفَر المَنْصُور أو المَنْصُور، هو ثاني خُلفاء بَني العَبَّاس، والخَليفة الواحِد والعشرُون في ترتيب الخُلَفاء بعد النَّبيُّ مُحَمَّد