7JEWMSJD2M

ذهب الناقد محمود شاكر أبو الفهر إلى أنّ المتنبي كان قد وقع في حب خولة الأخت الكبرى لسيف الدولة الحمدانيّ، إذ استدلّ على ذلك من قصيدته التي رثاها بها وهو في الكوفة بعد أن فارق سيف الدولة، فقارن بين ذلك الرثاء وبين رثائه لأختها الصغرى التي ماتت قبلها بثمان سنين، فوجد أنّ رثاء الشاعر لخولة جاء مختلفاً عن رثائه لأختها كل الاختلاف، فعاطفة الشاعر في رثاء خولة عاطفة صادقةً انسكبت فيها الكلمات انسكاباً فتجلّت فيها مشاعر الحزن والألم والحرقة والشجن الذي ملأ قلبه ووجدانه، ما جعل المتنبي يتخلّى عن صلابته المعتادة، فكشف ذلك الحزن حبه المستور، وفضح ألم الفقد عشقة لخولة.

لم يحظَ شاعرٌ من شعراء العربيّة بمثل ما حظي به أبو الطيّب المتنبّي من مكانةٍ عالية، فقد كان أعجوبةً أعجزت الشعراء من بعده؛ حيثُ بقي شعره إلى الآن يُقرأ كمصدر وحي للكثير من الأدباء والشُّعراء، كما تُرى فيه مظاهر القوّة والشاعرية القائمتين على التجربة الصادقة والحس، وقد أبدع المتنبّي في صياغة أبياته صياغةً تأسرُ الألباب وتشغل القلوب

غادر أبو الطيب حلب سنة 346هـ وهو كاره لذلك، فاتّجه في البداية إلى دمشق، ثم شاءت الأقدار أن يذهب إلى مصر حيث استدعاه كافور الإخشيدي، وحين وصل إلى مصر كان مجروح الفؤاد، مكسور الخاطر، فأقام إلى جوار كافور خمس سنواتٍ مدحه خلالها بعدة قصائد ليس حباً وإعجاباً، إنما أملاً في تحقيق ما كان يصبو إليه من رفعة وعُلّو شأن

كان افتخاره بنفسه وازدراؤه لخصومه يزيدهم بغضاً به وحسداً له، فيزيدون كيّداً ووشايةً للإيقاع بينه وبين الأمير، إلى أن نجحت مساعيهم في ذلك مرّة فغضب منه فيها سيف الدولة وجافاه

أقام المتنبي عند سيف الدولة تسع سنين انقطع فيها لمدحه، وكان أول ما قاله في مدحه في شهر جمادى الأولى سنة 373هـ، حيث مدحه بقصيدةٍ ميميةٍ مطلعها:
وَفاؤكُما كالرَّبْع أشْجاهُ طاسمه بأنْ تُسعِدا والدّمْعُ أشفاهُ ساجِمُهْ

About

أَبُو اَلطَّيِّبْ أَحْمَدْ بْنْ اَلْحُسَيْنْ اَلْجَعْفِي اَلْكَنَدِيَّ اَلْكُوفِيِّ المعروف بِالْمُتَنَبِّي والمُلقب بِشَاعِرِ اَلْعَرَبِ (303هـ - 354هـ) (915م - 965م)؛ له مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب بعد الإسلام، فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره