بعد وفاة ملك المغرب الأقصى السلطان أبي الحسن إثر خروج ولده السلطان أبي عنان عليه الذي استعاد أراضيَ كانت سُلبت في عهد أبيه وضم بجاية لسلطانه بعد إعلان حاكمها طاعته. أقام السلطان أبو عنان في تلمسان وفي هذه الفترة سعى ابن خلدون للقائه، وروي أنّ السلطان أكرمه أكثر ممّا توّقع وأرسله مع حاجبه ابن أبي عمرو إلى بُجّاية ليشهدا البيعة له، ثمّ أكرمهما السلطان عند العودة مرّةً ثانيةً قبل أن يُغادر إلى فاس، ويبقى ابنُ خلدون مع ابن ابي عمرو في بجاية حتّى أواخر 754هـ الموافقة لسنة 1353م. وبعد أن ذاع صيته وتنامى ذكرُ علمه استُدعي عبد الرحمن ابن خلدون لبلاط السلطان أبي عنان سنة 755هـ. عينه السلطان عضواً في مجلسه العلمي وكلفه بشهود الصلوات معه وبقي يُدنيه ويقربه حتّى عينه في العام التالي بين كُتابه وموقّعيه. لم يُعجَب ابن خلدون بهذا العمل ورأى فيه عملاً لم يحترفْه أسلافه «فتحملت هذا العمل على كرهٍ مني؛ إذ كنت لم أعهد مثله لسلفي».