شرع ابن إسحاق في طلب العلم في سن مبكرة، وكان أبوه قبله مشغوفا بجمع الأحاديث والأخبار، وغالبًا ما يروي عن أبيه في كتبه. فلابد لذلك أن يكون محمد بن إسحاق اضطر إلى الاشتغال منذ حداثته برواية الحديث، ووسع فيما بعد مداركه بزيارة أشهر العلماء من أمثال عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر الأنصاري، وابن شهاب الزهري، وقد رجع إلى الثلاثة جميعهم في كتابه، وكان الزهري بالأخص يجله ويركز عليه من بين طلابه، وفي ذلك روى الخطيب البغدادي بسنده:«رأيت الزهري أتاه محمد بن إسحاق، فاستبطأه فقال له: أين كنت؟ قال: وهل يصل إليك أحد مع حاجبك، قال: فدعا حاجبه، فقال له: لا تحجبه إذا جاء». ولكن ابن إسحاق لم يكتفي، وحاول أيضًا أن يحصل على الأخبار من كل مكان آخر، ويذكر قرابة مئة راوٍ من المدينة وحدها.