7JEWMSJD2M

بعد وفاة النبي محمد ﷺ، شارك عبد الله بن عمر في فتوح الشام والعراق وفارس ومصر وإفريقية، وشهد في تلك الفتوح معركة اليرموك وفتح نهاوند، وأذربيجان، ثم عاد فسكن المدينة المنورة، ودعاه الخليفة الثالث عثمان بن عفان ليتولى القضاء، فاعتذر. ولما حُوصِرَ عثمان وقت الفتنة، تقلد ابن عمر سيف أبيه ودافع عن عثمان يوم الدار. وبعد مقتل عثمان ورفض معاوية بن أبي سفيان مبايعة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، واستئثار معاوية بحكم الشام، ومطالبته بالقصاص لعثمان، جاء علي إلى ابن عمر يسأله الخروج إلى الشام أميرًا، فاعتذر ابن عمر، وخرج إلى مكة، ولم يشهد مع عليّ شيئًا من حروبه، حتى لا ينخرط في الفتنة. بل إن الفتنة لما استفحلت، أتوا ابن عمر، فقالوا: «أنت سيد الناس وابن سيدهم، والناس بك راضون، اخرج نبايعك»، فقال: «لا والله لا يهراق فيّ محجمة من دم، ولا في سببي ما كان في روح». كما كادت أن تنعقد البيعة له يوم التحكيم رغم وجود علي وسعد بن أبي وقاص، وقد عقّب الذهبي في ترجمته لابن عمر في كتابه «سير أعلام النبلاء» على ذلك بقوله: «ولو بويع يومها، لما اختلف عليه اثنان». إلا أن ابن عمر يرى أن حقن دماء المسلمين له الأولوية، فقد رُوي أنه قال: «إنما مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم يسيرون على جادة يعرفونها، فبينما هم كذلك، إذ غشيتهم سحابة وظلمة، فأخذ بعضهم يمينًا وشمالاً، فأخطأ الطريق، وأقمنا حيث أدركنا ذلك، حتى جلا الله ذلك عنا، فأبصرنا طريقنا الأول فعرفناه، فأخذنا فيه. إنما هؤلاء فتيان قريش يقتتلون على هذا السلطان وعلى هذه الدنيا، ما أبالي أن لا يكون لي ما يقتل عليه بعضهم بعضًا بنعلي هاتين الجرداوين»، كما قال: «لو اجتمعت عليّ الأمة إلا رجلين ما قاتلتهما».