قال نافع: «كان ابن عمر إذا قرأ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ١٦﴾ [الحديد:16] بكى حتى يغلبه البكاء»، وحين سُئل نافع عما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: «لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما». وكان ابن عمر كثير الصدقة، فقد رُوي أنه أتاه بضع وعشرون ألفًا في مجلسه، فما قام حتى وزّعها، وروى نافع أن ابن عمر فرّق في مجلس ثلاثين ألفًا، ثم أتي عليه شهر ما أكل لحمًا. وأن الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بعث إليه بمائة ألف، فما انقضى العام حتى نفدت جميعها. وكان ابن عمر يشتري الرقيق، ثم يعتقهم، وكان إذا رأى من رقيقه أمراً يُعجبه أعتقه، فعرف رقيقه ذلك منه، فكانوا يحسنون العمل أمامه، فيعتقهم. فعاتبه أصحابه قائلين: «والله يا أبا عبد الرحمن ما هم إلا يخدعونك». فيقول: «من خدعنا بالله انخدعنا له»، وقال ابنه سالم أن ابن عمر ما لعن خادمًا قط إلا واحدًا، فأعتقه. وقد ذكر مولاه نافع أن ابن عمر أعتق ألف إنسان أو يزيد. وقال طاووس بن كيسان: «ما رأيت مصليًا مثل ابن عمر أشد استقبالاً للقبلة بوجهه وكفيه وقدميه»، وكان حريصًا على أن يبدأ الناس بالسلام.