المقالة الرئيسة: علم العمران
امتاز ابن خلدون عن غيره من المؤرخين عامةً والمؤرخين المُسلمين خاصةً برؤيته للتاريخ؛ فلم ير فيه مجرد روايةٍ للأحداث، بل علماً يجب أن يُدْرس وفق منهجٍ واضحٍ، وانتهت رؤيّته إلى اكتشاف نوعٍ من الفلسفة الاجتماعية أطلق عليها اسم العمران البشري الذي يصفه بأنّه «مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة». ويرى أنّ لهذا العلم عديد الفوائد فهو يبرز الحق من الباطل فيما تناقلته الألسن عن الأحداث التاريخية، وذلك من خلال النظر في العمران البشري؛ فإذا مافعلنا ذلك فسنصل إلى قوانينَ تمحّص الحق من الباطل في الأخبار وبطريقةٍ لا يرقى إليها شك، وبذلك فإن المجتمع الإنساني كلّه أداةٌ للتأمل والدراسة للنظر في تاريخ المجتمعات بالدرس والتحليل من نشأة المجتمع واستقراره وتقليه بين الضعف والقوّة والفتوّة والكهولة والنهوض والسقوط حتّى نعرف خصائص هذا المجتمع وخواصه وعناصر تكوينه وتنظيمه.
موضوعياً يرى ابن خلدون في العمران البشري أنه «ما يعرض في اجتماعهم من أحوال العمران في المُلك والكسب والعلوم والصنائع بوجوهٍ برهانيةٍ، يتضح بها التحقيق في معارف الخاصة والعامة، وتُدفع بها الأوهام والشكوك»، ثمَّ يقسم هذا العلم لستةِ فصولٍ هي:
في العمران البشري على الجملة وأصنافه وقسطه من الأرض
في العمران البدوي وذكر القبائل والأمم الوحشية
في الدول والخلافة والملك وذكر المراتب السلطانية
في العمران الحضري والبلدان والأمصار
في الصنائع والمعاش والكسب ووجوهه
في العلوم واكتسابها وتعلمها