الاقتصاد :-
تعرّض ابن خلدون في مقدمته لعديد الأفكار الاقتصادية والمالية؛ فنظر إلى مستوى المعيشة وتناسبها مع عددِ السكان وكثافتهم، ودَرَسَ أسعار الحاجيات والأجور والأعمال، وبحث بها لفهم ارتفاع أسعارها أو انخفاضها وققاً للعرض والطلب وطبقاً لاستمرار المُدن بالعمران.
في الاقتصاد النقدي
النقد
حللّ ابن خلدون النقد بطريقةٍ تقترب بشكلٍ كبيرٍ من فهم الطبيعة الحقيقية له، حيث رأى فيه تجسيداً للعمل الإنساني وأساساً للقيمة ووظيفته باعتباره أداة مقياسٍ (لقياس القيمة) تكمن في استخدامِ المعادن الثمينة للقياس «ثمّ إنّ الله تعالى خلق الحجرين المعدنيّين من الذّهب والفضّة قيمةً لكلّ متموَّل، وهما الذّخيرة والقُنية لأهل العالم في الغالب» وهذا الرأي يوحي بأن ابن خلدون شرح ضمنياً النقد باعتباره وسيلةً للتبادل أولاً ثم تحوّل -بعد ذلك- ليُحدد القيمة، فقبل وجود النقد كان الاستخدام قائماً على التبادل السلعي بين البضائع أي أنّ البضائع تُستبدل ببعضها. ويؤكد ابن خلدون أن كمية النقدِ الموجودةِ في بلدٍ ما لا يمكن أن تتجاوز حاجة المجتمع، والنقد هو وسيلة التداول العالمية وليس فقط المحلية فهو أداة تسهيل التجارة الداخلية بين أفراد المجتمع والتجارة الخارجية بين الدوّل. أمّا باعتبار النقد وسيلة ادخارٍ فيرى ابن خلدون أن الذهب والفضة ذخيرة أهل العالم غالباً، وحيثما اقتُنيَ غيرهما فهذا بقصد تحصيلهما في النهاية، غير أن النقد بحدِ ذاته ليس مصدر القيّمة بل مصدرها هو العمل الإنساني «وإذا تقرّر هذا كلّه فاعلم أنّ ما يَفيدُه الإنسان ويَقتنيه من المتموَّلات، إن كان من الصّنائع فالمُفاد المُقتنى منه قيمة عملِهِ وهو القصد بالقُنية، إذ ليس هناك إلّا العمل وليس بمقصودٍ بنفسه للقنية». وهذا يؤكد ما ورد في نظريّة القيمة لاحقاً من أنّ العمل مُتجسد بالسلعة.