7JEWMSJD2M

الآراء الدينية
رآى ابن خلدون في الدين ظاهرة اجتماعية أساسية فلا يوجد مجتمع غير مُتأثر بدين من الأديان ووصفه بأنّه ما وراء الطبيعة النفسي؛ حاول من خلال هذا الوصف التوفيق بين الآراء الفلسفية والمعتقدات الدينية واعتقد بوجوب عدم الخلاف بينهم وذلك على خطا معلمه ابن رشد الذي سعى إلى التوفيق بين المبادئ الإسلامية والفلسفة اليونانية في كُتيب أسماه فصل المقال فيما بين الشريعة الحكمة من الاتصال. يعتقد ابن خلدون أن الاتصال بين العالم المحسوس وغير المحسوس هو أساس لكل دين فينشأ الاتصال من خلال معرفة الشخص بإدراة الله والفضل في حدوثه هو الروح البشرية فهي الوسيط بين الله والإنسان وهي خالدة بطبيعتها فلا تفنى وتتمتع بخصائص تُمكنها من الاتصال مع الله، غير أن ليس كلّ الأرواح سواء فأغلب الأرواح فاقدة لقدرتها الخفية ومُتعلقة بالعالم الحسي فقط وعددٌ قليل منها لازال يحتفظ بقدرته الكاملة على الاتصال مع الله وهؤلاء هم من اختارهم الله فصاروا أنبياء فتهجر أرواحهم العالم الحسي لتتلقى من الله ما يجب أن يبلغوه للبشر والأديان تنشأ فقط من هذا الاتصال أمّا الأديان المُعتمدة على مؤسسات التنبؤ والاستطلاع فهي مزيفة غير أنّها جزئياً تحتوي شيئاً من الحقيقة، فتركيز الشخص على شيءٍ مُعين لمدة طويلة تجعله ينسى كل شيء ويرتبط بما ركز عليه فقط، هذا التركيز يجعله يرى العالم اللاحسي بسرعة فائقة جداً وبصورةٍ ناقصة بشكل كبير، وهذه هي الأديان الوثنية.

يذهب ابن خلدون للاتفاق مع الصوفية فيرى أن الإنسان وإذا احتفظ بحسن إيمانه وتجرد من رغبة اختلاق دينٍ جديد واجتهد للانسلاخ عن العالم الحسي فسيستطيع أن يقترب من الجوهر الإلهي وستظهر له أفكار العُلماء بوضوح، لكن إذا ما اجتهد في هذا الانسلاخ والتصوف رغبةً منه في التفوق على الآخرين فإنّه لن يتصل بالله بل بالشياطين. وأيضاً فأن الروح البشرية تتمكن من رؤية بعض أمور المستقبل من خلال الرؤيا لكن بشرط أن تكون هذه الروح كاملة الاستقامة وكثيرة الورع والطهارة وإلاّ كانت الرؤيّة آتيةً من الشياطين.

وعليه فإن الوحي ينقسم لعدّة بحسب كمال الرووح واستقامتها فالأنبياء أولاً ويليهم الأولياء والصوفيّة أولاً ثم الكُهان وكلُّ جماعةٍ بها فروع فهناك أنبياء ليسوا برُّسل فيدركون علوم الغيب بطريقةٍ أقل كمالاً وهم كُثر لدى بني إسرائيل؛ أمّا الرُّسل فإن اتصالهم بالعالم الروحي يكون على أكمل نحو ويجب عليهم إعلان رسالتهم وشرح إرادة الله وهم مؤسسوا الأديان الحقيقيون، وتمييّزُ الأنبياء عن الرُّسل يأتي من خلال المعجزة فيؤكد ابن خلدون بأنّه لإثبات صحة الرسول لا بدّ من برهانٍ واضحٍ لكلّ للناس بدون تميز وهذا البرهان هو المُعجزة. لكن المعجزة لا تكون هي التنبؤ بالغيب فهذا ما يشترك به الأنبياء والأولياء أمّا الرسول فهو مطالبٌ بالإعلان عن المعجزة التي ستحدث ويطلب من كلِّ مُشككٍ أن يأتي بمثلها.