7JEWMSJD2M

بيعة الرضوان
لما نزل النبي محمد الحديبية في العام السادس للهجرة، رأى أنه من الضروري إرسال مبعوث إلى قريش يبلغهم فيها نواياه السلمية بعدم الرغبة في القتال، وحرصه على احترام المقدسات، ومن ثم أداء مناسك العمرة، والعودة إلى المدينة، فوقع الاختيار على أن يكون المبعوث إلى قريش خراش بن أمية الخزاعي، فلما دخل مكة أرادت قريش قتله فمنعهم الأحابيش، فلما عاد أخبر الرسول بما صنعت قريش، فأراد رسول الله أن يرسل سفيرا آخر فوقع الاختيار في بداية الأمر على عمر بن الخطاب، فاعتذر عن الذهاب إليهم، وأشار على رسول الله أن يبعث عثمان مكانه، لأن له قبيلة تحميه من أذى المشركين حتى يبلغ رسالة رسول الله، وقال لرسول الله: إني أخاف قريشا على نفسي، قد عرفت عداوتي لها، وليس بها من بني عدي من يمنعني، وإن أحببت يا رسول الله دخلت عليهم، فلم يقل رسول الله شيئا، قال عمر: ولكن أدلك يا رسول الله على رجل أعز بمكة مني، وأكثر عشيرة وأمنع، عثمان بن عفان، فدعا رسول الله عثمان فقال: «اذْهَبْ إِلَى قُرَيْشٍ فَخَبّرْهُم أنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَإِنّمَا جِئْنَا زواراً لهذا البيت، معظمين لحرمته، معنا الهدي، ننحره وننصرف» فخرج عثمان بن عفّان حتى أتى بَلْدَح (مكان قريب من مكة). فوجد قريشا هناك، فقالوا: أين تريد؟ قال: «بعثني رسول الله إليكم، يدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، تدخلون في دين الله كافة، فإن الله مظهر دينه ومعز نبيه، وأخرى تكفون ويَلِي هذا منه غيركم، فإن ظفروا بمحمد فذلك ما أردتم، وإن ظفر محمد كنتم بالخيار أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس أو تقاتلوا وأنتم وافرون جامون، إن الحرب قد نهكتكم، وأذهبت بالأماثل منكم، فجعل عثمان يكلمهم فيأتيهم بما لا يريدون» قالوا: «قد سمعنا ما تقول ولا كان هذا أبداً، ولا دخلها علينا عنوة، فارجع إلى صاحبك فأخبره أنه لا يصل إلينا»، فقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وأجاره وقال: «لا تقصر عن حاجتك»، ثم نزل عن فرس كان عليه، فحمل عثمان على السرج وردفه وراءه، فدخل عثمان مكة فأتى أشرافهم؛ أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وغيرهما من لقي ببلدح، ومنهم من لقي بمكة، فجعلوا يردون عليه: «إن محمداً لا يدخلها علينا أبداً». وعرض المشركون على عثمان أن يطوف بالبيت فأبى، وقام عثمان بتبليغ رسالة الرسول محمد إلى المستضعفين بمكة وبشرهم بقرب الفرج والمخرج، وأخذ منهم رسالة شفهية إلى رسول الله جاء فيها: «اقرأ على رسول الله منا السلام، إن الذي أنزله بالحديبية لقادر على أن يدخله بطن مكة» وتسربت شائعة إلى المسلمين مفادها أن عثمان قتل، فدعا رسول الله أصحابه إلى مبايعته على قتال المشركين ومناجزتهم، فاستجاب الصحابة وبايعوه على الموت سوى الجد بن قيس وذلك لنفاقه. وقال النبي بيده اليمنى: «هذه يد عثمان» فضرب بها على يده. وكان عدد الصحابة الذين أخذ منهم الرسول المبايعة تحت الشجرة ألف وأربعمائة صحابي.