توسعه المسجد النبوي :-
بعد أن بنى رسول الله مسجده في المدينة، صار المسلمون يجتمعون فيه ليصلوا الصلوات الخمس، ويحضروا خطب النبي، ويتعلموا في المسجد أمور دينهم، ضاق المسجد بالناس، فرغب النبي من بعض الصحابة أن يشتري بقعة بجانب المسجد لكي تزاد في المسجد حتى يتسع لأهله، فقال: «من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟» فاشتراها عثمان بن عفان من ماله بخمسة وعشرين ألف درهم، أو بعشرين ألفا، ثم أضيفت للمسجد، ووسع على المسلمين.
وروى يحيى عن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب قال: «لما ولي عثمان بن عفان سنة أربع وعشرين، كلَّمه الناس أن يزيد في مسجدهم، وشكوا إليه ضيقه يوم الجمعة، حتى إنهم ليصلون في الرحاب. فشاور فيه عثمان أهل الرأي من أصحاب رسول اللَّه، فأجمعوا على أن يهدمه ويزيد فيه، فصلَّى الظهر بالناس، ثم صعد المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إني أردت أن أهدم مسجد رسول اللَّه وأزيد فيه وأشهد أني سمعت رسول اللَّه يقول: «من بنى مسجدًا بنى اللَّه له بيتًا في الجنة». وقد كان لي فيه سلف، وإمام سبقني وتقدمني عمر بن الخطاب، كان قد زاد فيه وبناه، وقد شاورت أهل الرأي من أصحاب رسول اللَّه، فأجمعوا على هدمه وبنائه وتوسيعه، فحسن الناس يومئذ ذلك ودعوا له، فأصبح، فدعا العمال وباشر ذلك بنفسه، وكان رجلًا يصوم الدهر ويصلي الليل، وكان لا يخرج من المسجد، وأمر بالفضة المنخولة تعمل ببطن نخل، وكان أول عمله في شهر ربيع الأول من سنة 29 هـ، وفرغ منه حين دخلت السنة لهلال المحرم سنة 30 هـ فكان عمله عشرة أشهر»
قال الحافظ ابن حجر: «كان بناء عثمان للمسجد سنة ثلاثين على المشهور، وقيل في آخر سنة من خلافته».
كان المسجد النبوي على عهد النبي محمد مبنيا باللبن وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر الصديق شيئا وزاد فيه عمر بن الخطاب وبناه على بنائه في عهد رسول الله باللبن والجريد وأعاد عمده خشباً، ثم غيَّره عثمان، فزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والفضة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج، وجعل أبوابه على ما كانت أيام عمر ستة أبواب.