بيعة مُوسى الهادي لولاية العهد
عاصر هارُون أحداثًا كثيرة في عهد أبيه، فقد استفحل خطر الزَّنادقة، وثار المُقنَّع في خُراسان، وبرزت أعدادٌ من التحدِّيَات والاضْطِرابات في بعض أنحاء البِلاد. ولكن المهدي، كان يُواجه تهديدًا داخليًا لتوريث الحكم من بعده، فالأمير عيسى بن مُوسى العبَّاسي كان وليًا للعهد من بعده، وكان المهدي يطمح لأخذ البيعة لابنه مُوسى، وبعد ضُغوطٍ كثيرة وصلت إلى الضَّرب من بعض المُتعصبين لخلعه من ولاية العهد على الرَّغم من استنكار المهدي، آثر عيسى التنازل عن ولاية العهد، وخلع نفسه في السَّادس والعِشرين من مُحرَّم 160 هـ / السَّادس عشر من نوفمبر 776 م، وبايع المهدي لابنه مُوسى ولقَّبهُ بالهادي. وفي الفترة الزمنية نفسها من الحدث، أمر المهدي بجعل أبان بن صدقة كاتبًا لهارُون، ووزيرًا له، كي يعينه على شؤونه. إلا أن المَهْدِي بعد سنة، أمر ابن صدقة بأن يُستوزر لوليِّ عهده مُوسى الهادي، ووكَّل يِحيى البرمكي بأن يكون الكاتب الخاص لهارُون، والذي كان الأخير يدعُوه «أبتي» لاحترامه وكبر سنه، ولكون أولادِه هم إخوة هارُون من الرَّضاعة، الأمر الذي قدم لآل برمك مزيدًا من النُّفوذ وأعطى يحيى دافعًا أكثر للاهتمام به، ودرَّبهُ في الكثير من شُؤون الحنكة السياسية والتنظيمات الإدارية حينها.