كان مِمَّن قصد عَبدُ الله بنُ مُعاوية آنذاك، هُم بَنو هاشِم، فجاؤه عَبدُ الله الأصْغَر أبو العبَّاس، وعَبدُ الله أبو جَعْفَر، وعِيسى بنُ عَلِيّ، كما قصدُه بعض وجُوه قُرَيش مِن بَنو أُمَيَّة، مثل سُلَيْمان بنُ هِشام بن عَبدِ المَلِك، فاستعان عَبدُ الله بن مُعاوية في أعمالِه، فعيَّن أبو جَعْفَر عَبدُ الله، على كُورة إيذَج، فأخذ أبو جَعْفَر المال، وحملهُ بسفاتِج على يدي عَبد الرَّحمن بن عُمَر إلى البَصْرَة، ولم يَحمل إلى عَبدُ الله بن مُعاوية شيئاً، ثُم توجَّه أبو جَعْفَر إلى الأهواز قاصِداً البَصْرَة، وكان العامِلُ عليها سُلَيْمان بنُ حَبيب بن المُهلَّب مِن قبل مُروان بن مُحَمَّد، قد وضع الأرصاد والعُيون على كُل من يُمر من عُمال ابن مُعاوية، فمر برصدِه أبو جَعْفَر، فأمر بإحضارُه، فقال لهُ حينما دخَل عليه: «هاتِ المال الذي اختَنتُه»، فرد أبُو جَعْفَر: «لا مال عِندي»، فضربَهُ بالسّياط، فقال أبو أيُّوب: «أيُّها الأمير، توقَّف عن ضَربِه! فإن الخِلافَة إن بقيت في بَنُو أُمَيَّة فلن يسُوغ لك ضَرب رجُل من عَبد مَناف، وإن صار المُلك إلى بَني هاشِم لم تكُن لك بِلاد الإسلام بِلاداً»، فلم يقبل رأيُه، وضَرب أبو جَعْفَر اثنين وأربَعين سُوطاً، ولم يزل أبو أيُّوب يسألُه للكف عن ذلك، ورمَى نفسهُ إليه، حتى توقَّف عن جَلدِه. ثُم تحرَّك المضَريَّة لضَرب أبو جَعْفَر وحبسِه، فتجمَّعوا واتجهوا إلى الحبس فكسروه، وأطلقوا سِراح أبو جَعْفَر، وعاد إلى البَصْرَة، وعظَّم مِن أبو أيُّوب وما قام بِهِ لأجلِه.