7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

تولى الوليد الخلافة وهو في شرخ الشباب مزودًا بثقافة واسعة وخبرة إدارية ونضوج عقل، وتسلّم مقاليد الأمور، ودولته يسودها السلام بعد أن قضى أبوه معظم خلافته في القضاء على الفتن والحروب الداخلية التي كادت تمزق أوصال الدولة، وبدأ في الإصلاح والتعمير، وإحياء حركة الفتوحات الإسلامية في المشرق والمغرب؛ فتم على يديه في المدة التي قضاها في الخلافة وهي لا تعدو عشر سنوات ما قد تعجز الدول عن تحقيقه في قرون عديدة.

كان عبد العزيز بن مروان وليًّا للعهد في خلافة أخيه عبد الملك بن مروان، فلمّا تُوفي عبد العزيز سنة (85هـ = 704م) عين عبد الملك ابنه الوليد في ولاية العهد وبايعه الناس، فتولى الخلافة عقب وفاة أبيه في (15 من شوال 86هـ = 9 من أكتوبر 705م).

عرف عن عبد الملك أنه كان حريصًا على تربية أبنائه تربية صحيحة وإعدادهم لجسام الأمور، وأولى أكبر أبنائه عناية خاصة، وعُني بتدريبه على الإدارة والسياسة وفنون القتال، وحثه على التزود من العلم؛ فشبَّ الوليد على حب العربية، وكان أبوه يقول له: لا يلي العرب إلا من يحسن لغتهم، ونشأ على مداومة تلاوة القرآن؛ فكان يختمه في كل ثلاثة أيام، وقيل: في كل سبع، ولم يهمل هذا الورد حتى بعد أن تولى الخلافة وكثرت مهامه.

كان عبد الملك بن مروان قبل أن يلي الخلافة ينهل من علم أهل المدينة وفقهائها، ويتأدب بأدبهم وأكثر من مجالسة العلماء، وروى عنه جماعة من التابعين، مثل: خالد بن معدان، وعروة بن الزبير، والزهري، ورجاء بن حيوة، وقد اشتهر بالفقه حتى قيل: كان فقهاء المدينة أربعة سعيد بن المسيب، وعروة، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك بن مروان، والأخبار تكاد تتواتر على فقهه وغزارة علمه ورجاحة عقله.

وُلد الوليد بن عبد الملك في خلافة معاوية بن سفيان حوالي سنة (50هـ = 670م) في المدينة المنورة، حيث كان يقيم أبوه “عبد الملك بن مروان بن الحكم”، وكان أكبر أبنائه، وحين هاجر مروان بن الحكم إلى الشام كان الوليد معه ضمن أسرته، والمعروف أنه ترك المدينة في ربيع الآخر سنة (64هـ = ديسمبر 683م) بعد أن أعلن عبد الله بن الزبير الدعوة إلى نفسه بالخلافة.

الوليد بن عبد الملك -الخليفة الأموي - هو أول من أنشأ المستشفيات في الإسلام. فقد أقام مستشفى للمجذومين والعميان في دمشق (88 هـ / 707 م) على نفقة بيت المال وجعل حق العلاج فيه لكل مريض فقيرا كان أو غنيا، مسلما كان أو ذميآ وقدم المعونة والمساعدة للمحتاج واقام دور الرعاية وجعل لذلك موظفين وشاع بناء المستشفيات في العصر الأموي حتى أصبح في الكثير من المدن الإسلامية. ولم يكن المغرب الإسلامي اقل اهتماما من المشرق ببناء المستشفيات، إذ كان في قرطبة أيام الدولة الأموية 50 مستشفى.

في عهد الوليد بن عبد الملك تم لأول مرة نقل أساطين الرخام (أعمدة الرخام) من مصر والشام إلى مكة على العجل، وزاد في مساحة المسجد الحرام من الجهة الشرقية رواقًا دائرًا على حافتـه، وقد بلغت هذه التوسعة نحو 2300 متر مربع، وكان الوليد بن عبد الملك هو أول من آزر المسجد بالرخام من داخله، كما أهدى إلى الكعبة المشرفة هلالين وسريرا من ذهب.

أمن طرق الدولة في مختلف الاتجاهات من دمشق إلى الحجاز وإلى أفريقية وإلى كافة الاتجاهات كما حفر الآبار على طول هذه الطرق، ووظف من يعنى بهذه الآبار ويمد الناس بمياهها. أول من أقام المستشفيات في الإسلام وحجز المجذومين وأجرى لهم الأرزاق، وأعطى لكل أعمى قائدًا ولكل مقعدًا خادما، يتقاضون نفقاتهم من بيت المال في دمشق، وتعهد الأيتام وكفلهم ورتب المؤدبين، وأقام بيوتا ومنازل لإقامة الغرباء.

ويع الوليد بن عبد الملك بولاية العهد أيام أبيه عبد الملك بن مروان، ثم أخذت له البيعة بالخلافة بعد وفاة والده سنة 86 هـ\705م. ترك الخليفة عبد الملك بن مروان لابنه الوليد دولة مستقرة موحدة بعد أن بذل جهدا كبيرا في توحيدها واستقرارها، فكانت أيامه حافلة بالمنجزات في تاريخ الدولة الأموية، لما تم في عهده من إصلاحات داخلية عظيمة وفتوحات إسلامية موفقة.

أنشأ الجامع الأموي في دمشق والمسجد النبوي في المدينة وزخرفه، ورزق في دولته سعادة. فتح الأندلس، وبلاد الترك، وكان لحنة، وحرص على النحو أشهرا، فما نفع. وغزا الروم مرات في دولة أبيه وحج. وقيل: كان يختم في كل ثلاث، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة، وكان يقول: لولا أن الله ذكر قوم لوط ما شعرت أن أحدا يفعل ذلك.