7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

لمع نجم صلاح الدين في سماء المعارك والقيادة العسكرية عندما أقبل الوزير الفاطمي شاور بن مجير السعدي إلى الشام فارًا من مصر، وهربًا من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار المنذري اللخمي الملقب فارس المسلمين لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة وقتل ولده الأكبر طيء بن شاور، مستغيثًا بالملك نور الدين زنكي في دمشق وذلك في شهر رمضان سنة 558 هـ ودخل دمشق في 23 من ذي القعدة من السنة نفسها، فوجه نور الدين معه أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين، ابن الستة والعشرين ربيعًا، في جملتهم في خدمة عمه وخدمة جيش الشام وهو كاره للسفر معهم، وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان؛ قضاء حق شاور لكونه قصده، وأنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك. وكان نور الدين كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك، وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق على رأس الجيش في جمادى الأولى سنة 559 هـ ودخلوا مصر وسيطروا عليها واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها، ومن المعروف أن صلاح الدين لم يلعب دورًا كبيرًا خلال هذه الحملة الأولى، بل اقتصر دوره على مهمات ثانوية.

كانت الدولة العباسية قد تجزأت إلى عدّة دويلات بحلول الوقت الذي ظهر فيه صلاح الدين، في أواسط القرن الثاني عشر، فكان الفاطميون يحكمون مصر ويدعون لخلفائهم على منابر المساجد ولا يعترفون بخلافة بغداد، وكان الصليبيون يحتلون الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط من آسيا الصغرى إلى شبه جزيرة سيناء، والأتابكة يسيطرون على شمال العراق وسوريا الداخلية.

وكان نجم الدين والد صلاح الدين قد انتقل إلى بعلبك حيث أصبح واليًا عليها مدة سبع سنوات وانتقل إلى دمشق، وقضى صلاح الدين طفولته في دمشق حيث أمضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي أمير دمشق. إن المصادر حول حياة صلاح الدين خلال هذه الفترة قليلة ومبعثرة، لكن من المعروف أنه عشق دمشق عشقًا شديدًا، وتلقى علومه فيها، وبرع في دراساته، حتى قال عنه بعض معاصريه أنه كان عالمًا بالهندسة الإقليدية والرياضيات المجسطية وعلوم الحساب والشريعة الإسلامية، وتنص بعض المصادر أن صلاح الدين كان أكثر شغفًا بالعلوم الدينية والفقه الإسلامي من العلوم العسكرية خلال أيام دراسته. وبالإضافة إلى ذلك، كان صلاح الدين ملمًا بعلم الأنساب والسير الذاتية وتاريخ العرب والشعر، فحفظ ديوان الحماسة لأبي تمام عن ظهر قلب، أيضًا أحب الخيول العربية المطهمة، وعرف أنقى سلالاتها دمًا.

كما أن الحسن بن داوود قد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب، والتي فيها نسبة العائلة إلى أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي محمد بن عنترة بن الحسن بن علي بن أحمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هُدْبة بن الحُصَين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مُرَّة بن عوف بن أسامة بن بيهس بن الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مرة بن نَشبَة بن غيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش.

وقد شرح الحسن بن داود الأيوبي في كتابه «الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية» ما قيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادًا، بل نزلوا عندهم فنسبوا إليهم. وقال: «ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب».

وُلِدَ صلاح الدين في تكريت في العراق عام 532 هـ/1138م في ليلة مغادرة والده نجم الدين أيوب قلعة تكريت حينما كان واليًا عليها، ويرجع نسب الأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دُوِين القديمة في أرمينيا، والتي نفي منها شاذي عام 524 هـ/1130م عندما استولى أمير تركي على المدينة من أميرها الكردي. اختلف المؤرخون في نسب العائلة الأيوبية حيث أورد المؤرخ الموصلي ابن الأثير الجزري في تاريخه أن أصلهم من الأكراد الرَوَاديَّة وهم فخذ من الهَذَبانِيَّة، القبيلة الكُردية المهيمنة في منطقة دوين آنذاك. ويذكر أحمد بن خلكان ما نصه: «قال لي رجلٌ فقيه عارِفٌ بما يقول، وهو من أهل دوين، إن على باب دوين قريةً يُقال لها أجدانقان وجميع أهلها أكراد رَوَاديَّة، وكان شاذي قد أخذ ولَدَيه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخَرَجَ بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد»، وهو ما يؤكده سعيد عبد الفتاح عاشور وجمال الدين الشيال وعبد المنعم ماجد. في حين وبعد أن استقر الأيوبيون في السلطة، تبنى جماعة من ملوكهم أنسابًا عربية نبيلة وأنكروا النسب الكردي، حيث قالوا «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم.»، ومع ذلك اختلف هؤلاء في نسبهم فالملك المعز إسماعيل الأيوبي صاحب اليمن أرجع نسب بني أيوب إلى بني أمية وحين بلغ ذلك الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب قال: «كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً»، أما الأيوبيون ملوك دمشق فقد أثبتوا نسبهم إلى بني مرة بن عوف من بطون غطفان وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق وأسمعه ابنه الملك الناصر صلاح الدين داود.

كان صلاح الدين يقول بمذهب أهل السنة والجماعة، وروي أن عبد القادر الجيلاني دعا له عندما رآه بالبركة فيه، خلال «زيارة خفية» لنجم الدين أيوب وأسرته ببغداد سنة 533 هـ/1138م، وهذا يفسر اتباعه الطريقة القادرية فيما بعد وبعض العلماء كالمقريزي، وبعض المؤرخين المتأخرين قالوا: إنه كان أشعريًا، شافعي المذهب، وإنه كان يصحب علماء الصوفية الأشاعرة لأخذ الرأي والمشورة، وأظهر العقيدة الأشعرية. يشتهر صلاح الدين بتسامحه ومعاملته الإنسانية لأعدائه، لذا فهو من أكثر الأشخاص تقديرًا واحترامًا في العالمين الشرقي الإسلامي والأوروبي المسيحي، حيث كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالته في عدد من المواقف، أبرزها عند حصاره لقلعة الكرك في مؤاب، وكنتيجة لهذا حظي صلاح الدين باحترام خصومه لا سيما ملك إنجلترا ريتشارد الأول «قلب الأسد»، وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في أوروبا الغربية، استحال رمزًا من رموز الفروسية والشجاعة، وورد ذكره في عدد من القصص والأشعار الإنجليزية والفرنسية العائدة لتلك الحقبة.

الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين والدنيا يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي (532 - 589 هـ / 1138 - 1193 م)، المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي قائد مسلم أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الدولة الفاطمية التي استمرت 262 سنة. قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي المقدسة التي كان الصليبيون قد استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدس هزيمة منكرة في معركة حطين.

وفاة المهدي
اختلفت الروايات بشكلٍ كبير حول أسباب وفاة المهدي، وقد نقل المُؤرخ ابن الأثِير رواية مفادها أن المهدي حينما انطلق من بغداد، توقَّف في منطقة تُدعى ماسبذان، وهي من العراق، فأكل طعامًا، ثم توجه للنوم، إلا أن من حوله، قد استيقظوا ببكائه، فأتوه مُسرعين، فقال لهُم بأنه رأى رجُلًا واقفًا على الباب، وقال له:
كأني بهذا القصر قد باد أهلهُ وأوحش منه ربعهُ ومنازله
وصار عميد القوم من بعد بهجةٍ وملكٍ إلى قبرٍ عليه جنادلُه
فلم يبق إلا ذكرُهُ وحديثُهُ تُنادي عليه معولاتٍ حلائلُه
فبقي بعد ذلك عشرة أيَّامٍ، ثم تُوفي. وقيل إنه تُوفي مسمُومًا من إحدى جواريه، فقد أرسلت بلبأ فيه سُم، وهو جالسٌ في البُستان، بهدف تسميم إحدى الجواري بداعي الغيرة، فدعا به المهدي وأكل منه، فقد خافت أن تقول لهُ بأنه مسموم، فمات من ساعته. وكان يوم وفاته، في الثَّاني والعشرين من مُحرَّم 169 هـ / الرَّابِع والعشرون من يوليو 785 م.

محاولة المهدي عزل الهادي لصالح الرَّشيد
كان الخليفة المهدي قد بايع لابنه الأمير هارُون الرَّشيد بعد أخيه مُوسى الهادي سابقًا ليخلفهُ في الحُكم، إلا أنّ الخيزُران كانت تُميل أكثر للرَّشيد، ولعلَّه وافق ما في نفس المهدي، فقد رأوا فيه من الذكاء والحكمة ورجاحة العقل، ما جعلهم يرغبون في عزل الهادي لصالح الرَّشيد، فبعث رسالة إلى الهادي يطلُب حضوره إلى العاصمة، بعد أن خرج سابقًا لمُحاربة حُكام طبرستان المُتمردين في سنة 167 هـ / 784 م، إلا أن الهادي لم يطع أمره، وعلم بطريقةٍ ما أنه لا يوجد سبب لاستدعائه كل هذه المسافة إلا إذا كان الأمر ينطوي على عزله لصالح الرَّشيد، فبعث المهدي إليه رسولًا، إلا أن الهادي ضربه وأهانه، وامتنع عن القدوم إلى بغداد، كونه أدرك بنوايا أبيه وأمه في خلعه، فغضب المهدي منه، وقرر السير على رأس جيشٍ كبير في مُحرَّم 169 هـ / أوائل أو مُنتصف يُوليو 785 م، مُتوجهًا إلى جُرجان لمُحاربة ابنه المُتمرد عليه، إلا أن وفاته خلال الطريق في ماسبذان حال دون ذلك.