7JEWMSJD2M

Discover posts

Explore captivating content and diverse perspectives on our Discover page. Uncover fresh ideas and engage in meaningful conversations

والتفَّ حوله فئة من شذاذ العرب وذؤبانهم، فكانوا يتنقلون من مكان إلى آخر، فإذا صادفوا غديرًا أو روضة أو موضع صيد، أقاموا عليه يلعبون ويشربون ويصطادون، وكانت القيان تغنيهم في منازلهم، حتى إذا نضب ماؤه انتقلوا إلى غيره.

نظم امرؤ القيس ديوانًا من الشعر يحتوي على 100 قصيدة شعرية، حيث طبع خلال القرن التاسع عشر في سوريا ومصر وفرنسا وألمانيا

لجأ امرؤ القيس إلى الروم أعداء الفرس التقليديين بعد نصيحة الغساسنة، وقصد القسطنطينية للقاء الإمبراطور جستينيان الأول، مع أحد رجال أبيه الشاعر الكبير عمرو بن قميئة، والتقى بالقيصر الذي رحب به؛ لكن قيل أنه انقلب عليه بعد وشاية.

عُرف امرؤ القيس بفحش شعره وقصصه الغرامية، وقضى زمنا في التسكع والمجون وصحبة صعاليك العرب، وحتى الصيد والإغارة والسلب، وقال عنه النساب والمؤرخ الأموي ابن الكلبي إنه كان يسير في أحياء العربن ومعه أخلاط من شذاذ العرب من طيئ وكلب وبكر بن وائل، فإذا صادف غديرا أو روضة أو موضع صيد أقام، فذبح وشرب الخمر وسقاهم، وغنت لهم قيانه، ما يزال كذلك حتى يذهب ماء الغدير وينتقل عنه إلى غيره.

مرأ القيس لم يرث من أبيه وخاله كليب سيماء الملوك، فقد استهواه شعر الغزل الصريح والتشبيب بالنساء ومخالطة الصعاليك، ما جلب عليه نقمة أبيه، فطرده إلى موطن قبيلته في دمون الواقعة بمدينة الهجرين اليمنية التاريخية، ليبقى في دمون الحضرمية سنوات قبل أن تستهويه حياة الترحال، ويعيش عابثا متنقلا مع أصحابه خلف اللهو والطرب.

لم تكن حياة امرئ القيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة جدا بمقياس تراكم الأحداث وكثرة الإنتاج ونوعية الإبداع. لقد طاف في معظم أرجاء ديار العرب وزار كثيرا من مواقع القبائل بل ذهب بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية ونصر واستنصر وحارب وثأر بعد حياة ملأها في البداية باللهو والشراب ثم توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده وأنهك وتفشى فيه وهو في أرض الغربة داء كالجدري أو هو الجدري بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في سنة لا يكاد يجمع على تحديدها المؤرخون وإن كان بعضهم يعتقد أنها سنة 540م، وقبره يقع الآن في تلة حضرليك بأنقرة.

كان لموت والده حجر على يد بني أسد أعظم الأثر على حياته ونقلة أشعرته بعظم المسؤولية الواقعة على عاتقه. رغم أنه لم يكن أكبر أبناء أبيه، إلا أنه هو من أخذ بزمام الأمور وعزم الانتقام من قتلة أبيه لأنه الوحيد الذي لم يبك ويجزع من إخوته فور وصول الخبر إليهم. يروى أنه قال بعد فراغه من اللهو ليلة مقتل أبيه على يد بني أسد: «ضيعني صغيرًا، وحملني دمه كبيرًا، لا صحو اليوم ولا سكر غدًا، اليوم خمر وغدًا أمر»

اختلف الباحثون في دين امرئ القيس وعقيدته على وجوه عدة متناقضة، ولم يكن لدى من اختلفوا فيه حججًا يستندون عليها في دعم ما ذهبوا إليه من مذاهب حول دينه سوى شعره، كل يأخذ منه ما يرى أنه يؤيد حججه ويفسره على ذلك، وعليه منهم من قال إنه وثني، وآخر قال إنه مزدكي، وآخر قال إنه نصراني، بينما رأى غيرهم أنه كان يقر بالله وقدرته في مواضع عدة في شعره، وهذا الأمر مستفيض في كلام العرب ممن كان على الحنيفية أو ممن كان يتخذ الأصنام؛ وهؤلاء لم يتخذوها كما قالوا إلا لتقربهم إلى الله.

ابتدأت مرحلة جديدة في حياته بعد أن ثار بنو أسد على والده وقتلوه، فجاءه الخبر بينما كان جالسًا يشرب الخمر فقال كلمته الشهيرة: «رحم الله أبي، ضيعني صغيرًا، وحملني دمه كبيرًا. لا صحو اليوم ولا سُكْرَ غدًا، اليوم خمر وغدًا أمر»، فأخذ على عاتقه مسؤولية الثأر لأبيه، واسترجاع كفة حكم كندة، فحلف ألا يغسل رأسه وألا يشرب خمرًا، فجمع أنصاره واستنجد بقبائل أخواله بكر وتغلب، وقتل عددًا غفيرًا من بني أسد، فطلبوا أن يفدوه بمئة منهم فرفض، فتخاذلت عنه قبائل بكر وتغلب، وقد نظم شعرًا كبيرًا في هذه الأحداث.

التزم نمط حياة لم يرق لوالده فقام بطرده ورده إلى حضرموت بين أعمامه وبني قومه أملا في تغييره، لكنه استمر في ما كان عليه من مجون وأدام مرافقة صعاليك العرب وألف نمط حياتهم من تسكع بين أحياء العرب والصيد والهجوم على القبائل الأخرى وسلب متاعها.