7JEWMSJD2M

Discover posts

Explore captivating content and diverse perspectives on our Discover page. Uncover fresh ideas and engage in meaningful conversations

وقال آخرون: إن أبا عبيدة لم يقتل أباه يوم بدر، وليس في هذا خبر صحيح أو حسن أو ضعيف، وهذا الخبر لا يصح سنداً ولا متناً، أما السند فهو معضل، لأن عبد الله بن شوذب بعيد جداً عن زمن الحدث، وهو رجل خراساني بصري شامي، لم يرحل إلى المدينة منبت الأخبار التي حصلت في العصر النبوي. ولا يصح متناً؛ لأن ابن عساكر نقل عن المفضل بن غسان أن الواقدي كان ينكر أن يكون أبو أبي عبيدة أدرك الإسلام، وينكر قول أهل الشام إن أبا عبيدة لقي أباه في زحف فقتله، وقال: «سألتُ رجالاً من بني فهر، منهم زفر بن محمد وغيره، فقال: توفي أبوه قبل الإسلام».

من المتفق عليه أن أبا عبيدة حضر غزوة بدر الكبرى التي وقعت في 17 رمضان 2هـ الموافق 13 مارس (آذار) 624م، وأبلى مع غيره من المهاجرين والأنصار بلاءً حسناً. وقد تناقلت كتب المغازي والتاريخ والتفسير أن أبا عبيدة قتل أباه يوم بدر كافراً، فقد نُقل الخبر في تاريخ دمشق، قال: «وأخرج الحافظ من طريق البيهقي عن عبد الله بن شوذب». وقال ابن حجر في الإصابة: «وهو فيما أخرجه الطبراني عن عبد الله بن شوذب». وقال السيوطي في «أسباب النزول»: «وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال: نزلت هذه الآية في أبي عبيدة حين قتل أباه يوم بدر: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ المجادلة: 22». وأخرجه الحاكم من طريق ضمرة بن ربيعة الفلسطيني عن عبد الله بن شوذب.

هاجر أبو عبيدة من مكة إلى المدينة المنورة، فنزل على كلثوم بن الهدم الأوسي، وبعد وصول النبي محمد إلى دار الهجرة، آخى بين المهاجرين والأنصار، وقد روى مسلم في الصحيح عن أنس بن مالك: أن رسول الله ﷺ آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وبين أبي طلحة (زيد بن سهل بن الأسود الخزرجي). ونقل ابن سعد في الطبقات «أن رسول الله ﷺ آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حُذيفة». وقيل «أن رسول الله ﷺ آخى بين أبي عبيدة وبين سعد بن معاذ».

لا يُعرف ترتيب أبي عبيدة بين السابقين إلى الإسلام، ولكن ابن هشام في السيرة ذكره في عُصبة أسلمت بعد ثمانية نفر سبقوا إلى الإسلام، والأرجح أنهم لم يُسلموا في يوم واحد، بل أسلموا متفرّقين في أيام، وكان ترتيبهم بأجمعهم بعد الثمانية السابقين، وقبل مَن ذُكر بعدَهم.

ويُعد أبو عبيدة من السابقين الأولين إلى الإسلام، فهو ممن التقاهم النبيُّ محمدٌ في دار الأرقم قبل أن يبلغ المسلمون أربعين رجلاً، وهو صاحبُ النبي من أول الدعوة، وحفظ القرآن منذ تباشير فجره الأولى، وأوذي في سبيل الله فصبر، ونقل ابن سعد أنه هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية في رواية محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر، ولم يذكره موسى بن عُقبة. وقال الذهبي: «إن كان هاجَرَ إلى الحبشة فإنه لم يُطل بها اللَّبث».

هو: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أُهَيْب بن ضبَّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان. ويقفون في نسبته عند فهر فيقولون «الفهري»، وقيل: إن فهر هو قريش، وأول مَن تلقَّب بقريش. وقد اشتُهر بكنيته والنسبة إلى جده، فيقال: أبو عُبيدة بن الجرَّاح. وهو يجتمع مع النبي محمد عند فهر بن مالك، فالنبي من أولاد غالب بن فهر، وأبو عبيدة من أولاد الحارث بن فهر.
أبوه: عبد الله بن الجراح، لا يُعرف، ولم يُذكر إلا في قصته مع ابنه أبي عبيدة يوم بدر، وفي كتب الأنساب اضطراب في سَوق نسب أبي عبيدة، قال ابن حجر في الإصابة: أبو عبيدة بن الجراح، مشهور بكنيته وبالنسبة إلى جده، ومنهم من لم يذكر بين عامر والجراح «عبد الله» وبذلك جزم مصعب الزبيري في «نسب قريش»، والأكثر على إثباته.
أمه: أُميمة بنت غَنْم بن جابر، وفي «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم الأندلسي: أميمة بنت عثمان بن جابر بن عبد العزى بن عامرة بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر، ونقل ابن حجر عن خليفة أن أم أبي عبيدة أدركت الإسلام وأسلمت.
ولم تذكر المصادر التاريخية شيئاً عن نشاط أبي عبيدة في الجاهلية، فبدأ تأريخ حياته يوم إسلامه. ونقل ابن هشام وغيره أنه «أسلم قبل أن يدخل رسول الله ﷺ دار الأرقم ابن أبي الأرقم».

أسلم أبو عبيدة في مرحلة مبكرة من الدعوة الإسلامية، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، وشهد مع النبي محمد غزوة بدر والمشاهد كلها، وكان من الذين ثبتوا في ميدان المعركة عندما بُوغت المسلمون بهجوم المشركين يوم أُحُد. وفي عهد أبي بكر الصديق، كان أبو عبيدة أحد القادة الأربعة الذين عيَّنهم أبو بكر لفتح بلاد الشام، ثم أمر أبو بكر خالداً بنَ الوليد أن يسير من العراق إلى الشام لقيادة الجيوش الإسلامية فيها، فلما ولي عمر بن الخطاب الخلافةَ عَزَلَ خالداً بنَ الوليد، واستعمل أبا عبيدة، فقال خالد: «وَلِيَ عليكم أمينُ هذه الأمة»، وقد نجح أبو عبيدة في فتح دمشق وغيرِها من مُدُنِ الشامِ وقُراها. وفي عام 18هـ الموافق 639م توفي أبو عبيدة بسبب طاعون عمواس في غور الأردن ودُفن فيه.

أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي (40 ق هـ/584م - 18هـ/639م) صحابي وقائد مسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، لقَّبَهُ النّبيُّ محمدٌ بأمين الأمة حيث قال: «إن لكل أمّة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح». وقال له أبو بكر الصديق يوم سقيفة بني ساعدة: «قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر بن الخطاب، وأبا عبيدة بن الجراح».

وكان كذلك من أحرص الناس على الابتعاد عن الشهوات، فقد قال عبد الله بن مسعود: «إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر»، وقال جابر بن عبد الله: «ما منا أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها إلا عبد الله بن عمر»، وقالت عائشة بنت أبي بكر: «ما رأيت أحدًا ألزم للأمر الأول من ابن عمر»، وكان ابن عمر يحضر مجالس عبيد بن عمير الليثي الواعظ القاص، فتهراق عيناه بالدمع.

كما كان ابن عمر يتتبع آثار النبي محمد ﷺ وأوامره وأحواله ويهتم بها، فقالت عائشة بنت أبي بكر: «ما كان أحد يتبع آثار النبي ﷺ في منازله، كما كان يتبعه ابن عمر»، وروى مولاه نافع أن ابن عمر كان يتبع آثار النبي محمد ﷺ في كل مكان صلى فيه، حتى إن النبي محمد ﷺ نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس. وروى نافع عن ابن عمر، قوله أن النبي محمد قال يومًا: «لو تركنا هذا الباب للنساء»، فذكر نافع أن ابن عمر لم يدخل من ذلك الباب حتى مات. فكان الذي يرى حرصه على تتبع آثار النبي محمد ﷺ، يظن أن به شيئًا من الجنون. وكان إذا قَدِمَ من سفر بدأ بزيارة قبر النبي محمد ﷺ وأبي بكر وأبيه عمر قبل أن يتوجه إلى منزله، ويقول: «السلام عليك يا رسول الله. السلام عليك يا أبا بكر. السلام عليك يا أبتاه».

قال نافع: «كان ابن عمر إذا قرأ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ١٦﴾ [الحديد:16] بكى حتى يغلبه البكاء»، وحين سُئل نافع عما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: «لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما». وكان ابن عمر كثير الصدقة، فقد رُوي أنه أتاه بضع وعشرون ألفًا في مجلسه، فما قام حتى وزّعها، وروى نافع أن ابن عمر فرّق في مجلس ثلاثين ألفًا، ثم أتي عليه شهر ما أكل لحمًا. وأن الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بعث إليه بمائة ألف، فما انقضى العام حتى نفدت جميعها. وكان ابن عمر يشتري الرقيق، ثم يعتقهم، وكان إذا رأى من رقيقه أمراً يُعجبه أعتقه، فعرف رقيقه ذلك منه، فكانوا يحسنون العمل أمامه، فيعتقهم. فعاتبه أصحابه قائلين: «والله يا أبا عبد الرحمن ما هم إلا يخدعونك». فيقول: «من خدعنا بالله انخدعنا له»، وقال ابنه سالم أن ابن عمر ما لعن خادمًا قط إلا واحدًا، فأعتقه. وقد ذكر مولاه نافع أن ابن عمر أعتق ألف إنسان أو يزيد. وقال طاووس بن كيسان: «ما رأيت مصليًا مثل ابن عمر أشد استقبالاً للقبلة بوجهه وكفيه وقدميه»، وكان حريصًا على أن يبدأ الناس بالسلام.