7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

أما بخصوص النقاش المطروح من قبل العلماء المسلمين الآخرين حول حركة الأرض، اعترف البيروني أنه غير قادر على إثبات أو نفي حركتها، لكنه علق بشكل إيجابي على الاقتراح القائل بأن الأرض تتحرك، كتب أيضاً تعليقاً مطولاً على علم الفضاء الهندي في كتابه "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" والذي كان بمعظمه ترجمة لأعمال أريابهاتا، وفي هذا الكتاب يدعي البيروني بأنه حل مسألة دوران الأرض في كتاب فلكي لم يبق له أثر اليوم يدعى "مفتاح علم الهيئة".

كانت دراسات البيروني المتعلقة بعلوم الفلك، متركزة بمعظمها على النصوص الرياضية والعلمية، أما التنبؤ الفلكي فلم يشغل سوى الفصل الأخير، فلم يكن البيروني من متبني علم التنجيم، حتى أنه وصل إلى وصف الأبراج الفلكية بأنها مجرد شعوذة.

خصص البيروني 95 كتابا من أصل 146 كتاب معروف لهُ من أجل دراسة علوم الفلك والرياضيات والمواضيع المتعلقة بها مثل الجغرافيا الرياضية، ساهم دينه في دراساته العلمية المتعلقة بالفلك، إذ يتطلب إجراء الصلاة بشكل صحيح معرفة جيدة باتجاه القبلة وإمكانية تحديد هذا الاتجاه من كل مكان، وهذا يحتاج إلى دراسات فلكية دقيقة.

كتب البيروني عن الناس والعادات والأديان الخاصة بشبه القارة الهندية. وطبقًا لأكبر س. أحمد، فقد كان البيروني، مثل علماء الإنسان المعاصرين، منشغلًا بتدوين الملاحظات حول مجموعة معينة من الناس، حيث تعلم لغتهم ودرس نصوصهم الأولية، وقدم نتائجه بموضوعية وحيادية مستخدمًا دراسات ثقافية مقارنة. يستنتج أكبر س. أحمد أن البيروني يُعتبر أول علماء الإنسان، بالرغم من أن البعض يشكك في أنه عالم إنسان بالمعنى التقليدي للكلمة.

ستمرت عمليات الترجمة والنهضة العلمية في عهده كما افتتحها سلفه المأمون، غير ما ميٌز عهد المعتصم هو اهتمامه باقتناء الجنود الأتراك بجلبهم من مناطق آسيا الوسطى كسمرقند وخوارزم، ولقد ملأ الجنود الأتراك بغداد حيث بلغت أعدادهم ما يقارب بضعة عشر ألفًا، أدى ذلك إلى التضييق بأهل المدينة، واضطر الخليفة نتيجة لذلك إلى الانتقال إلى مدينة سامراء التي بناها على بعد 100 كيلومتر شمالي بغداد، لتكون عاصمة له ومقرًّا لجيوشه التركية من المماليك والأحرار، ويرى المؤرخون أنَّ مَيْلَ المعتصم للأتراك يرجع إلى كَوْنِ والدته تركية، كما أراد أنْ يحد من المنافسة الشديدة التي كانت قائمةً بين العرب والفرس في الجيش والحكومة.

البيان المحايد الذي قدمه البيروني عن الهندوسية كان غير مسبوق في وقته. فقد أشار إلى موضوعيته الكاملة في الكتابة، والبعد عن التحيز كما يجب أن يكون المؤرخ الحق. وثق البيروني كل شيء عن الهند كما حدث. ولكنه أشار إلى عدم ثقته في بعض الروايات التي تلقاها من الهنود الأصليين، ولكنه حاول تحري الدقة قدر المستطاع. يشبه محمد ياسين عمله بـ«جزيرة سحرية هادئة محايدة في وسط عالم يعج بالسيوف والمدن المحروقة والمعابد المنهوبة.» كانت كتابات البيروني شاعرية، وهو ما قلل قيمتها التاريخية طبقًا لمعايير العصور الحديثة. كما أن افتقارها لوصف المعارك والسياسات جعل الصورة ناقصة. ولكن بالرغم من ذلك، يستشهد البعض بكتابات البيروني للتحقق من معلومات تاريخية من مصادر أخرى قد تكون مبهمة أو دقتها محل مسائلة.

لم يكتف الكتاب بالتسجيل المضجر للمعركة؛ لأن البيروني وجد الثقافة الاجتماعية أكثر أهمية. يشمل العمل بحثًا عن العديد من المواضيع حول الثقافة الهندية، منها وصف العادات والتقاليد الهندية. سجل البيروني بالفعل بعض التواريخ السياسية والعسكرية المهمة، وسجل عددًا من المواقع التي حدثت فيها المعارك المهمة، بالرغم من محاولته البعد عن هذه الأحداث في دراسته. وعلاوة على ذلك، سجل البيروني قصصًا عن حكام الهند، موضحًا كيفية حكمهم وأفعالهم المفيدة وكيف أنهم تصرفوا لمصلحة شعبهم. لكن تفاصيله كانت موجزة، ولم يشر إلى أسماء هؤلاء الحكام الحقيقية، مكتفيًا بوضع قائمة لهم فقط. لم يوضح البيروني أفعال هؤلاء الحكام خارج أراضي بلادهم خلال فترة حكمهم، وهو ما يتسق مع موقف البيروني بالبعد عن التاريخ السياسي. وصف البيروني أيضًا جغرافية الهند في عمله. ووثق مختلف مجاري المياه وغيرها من الظواهر الطبيعية. تلك الأوصاف مهمة للمؤرخين المعاصرين لأنهم كانوا قادرين على استخدام دراسة البيروني لتحديد موقع بعض الوجهات في الهند الحديثة. كان المؤرخون قادرين على صنع تناظرات مستنتجين أن بعض المناطق اختفت واستُبدلت بمدن مختلفة. كما تمكنا من تحديد موقع أغلب المعالم، مما يضفي شرعية على مساهمات البيروني وإفادتها للتاريخ الحديث وعلم الآثار.

كان المعتصم أبيض أصهب اللحية طويلها، مربوعًا مشربًا بحمرة، ذا شجاعة وهمة عالية، وقوة مفرطة، (كان يقرأ ويكتب قراءة ضعيفة، وكان مع ذلك فصيحًا مهيبًا، عالي الهمة، حتى قيل إنه كان أهيب الخلفاء العباسيين).
تولى أبو إسحاق محمد المعتصم بالله الخلافة بعد أخيه المأمون، وقد بويع له بالخلافة يوم مات أخوه المأمون بـ«طرسوس».

اهتم البيروني بدراسة التقويم التقويم الهندي. أظهرت دراسته للموضوع تركيزًا كبيرًا، وفي غنى عن القول بأن مقاربته في البحث العلمي كانت متفوقة. فقد طور منهجية لتحويل تواريخ التقويم الهندي إلى تواريخ ثلاثة من التقويمات المستخدمة في الدول الإسلامية في عصره، الإغريقية، العربية/الإسلامية، والفارسية. كما أن البيروني وظف علم الفلك في تحديد نظرياته، والتي كانت تنطوي على معادلات رياضية معقدة وحسابات علمية سمحت للمرء بتحويل التاريخ والسنين بين التقويمات المختلفة.

من الأمثلة على تحليل البيروني، ملخصه في توضيح لماذا يكره بعض الهندوس المسلمين. يشير البيروني في بداية كتابه كيف عانى المسلمون في تعلم معرفة وثقافة الهندوس. ويشرح بأن الهندوسية والإسلام مختلفان تمام الاختلاف عن بعضهما البعض. كما أن الهندوسية عانت في القرن الحادي عشر هجمات تدميرية على العديد من المدن، وأخذت الجيوش الإسلامية العديد من رهائن الهندوس إلى بلاد فارس، وهو –كما يدعي البيروني- ما ساهم في ريبة الهندوس من كل الغرباء، لا المسلمين فقط. اعتبر الهندوس المسلمين طائفة عنيفة، ولم يتشاركوا أي شيء معهم. وعبر الزمن، فاز البيروني بترحيب الباحثين الهندوس، وأصبح فصيحًا في اللغة السنسكريتية، وسمح ذلك له بترجمة رياضيات وعلوم وطب وفلك الهندوس وغيرها من المجالات في القرن الحادي عشر إلى العربية. انبهر البيروني بحجج العلماء الهندوس الذين يقيمون الدليل على كروية الأرض، باعتبارها الطريقة الوحيدة لتفسير اختلاف ساعات النهار بالمواسم وخطوط العرض وموقع الأرض النسبي للقمر والنجوم. في نفس الوقت، كان البيروني ناقدًا للكتبة الهندوس، معتقدًا أنهم حرفوا الوثائق بينما كانوا ينسخونها. كما أنه انتقد الهندوس على ما رأى أنهم يفعلونه ولا يفعلونه، مثل افتقارهم للفضول بشأن التاريخ والدين.