استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة
بعدها ضرب حسن الصباح ضربته باغتيال الوزير نظام الملك نفسه في 16 ديسمبر 1092 (485 هـ)، في منطقة ساهنا في إقليم نهاوند، عن طريق فدائى (تسمية الباطنيين لمن يقوم بعمليات الاغتيال) متنكر في زى رجل صوفى. حسن الصباح خطط لاغتيال نظام الملك بعناية. يقول المؤرخ رشيد الدين إن السيد حسن الصباح نصب شباكه وفخاخه لاصطياد هدف كبير مثل نظام الملك لكي يشتهر ويذيع صيته وهو من أرسى أسس الفدائية، وبعدما نجحت العملية قال حسن الصباح: «قتل هذا الشيطان هو بداية البركة».
كان توزيع حسن الصباح لدعاته بحيث جزء منهم يذهب إلى المناطق النائية لنشر الأفكار، والجزء الآخر يكون موجودا بالمدن الكبرى. فأول ما عرف من أحوال الدعوة التي اشتهرت بالباطنية أو الإسماعيلية في أيام السلطان ملك شاه فقد اجتمع منهم ثمانية عشر رجلًا فصلوا صلاة العيد في ساوة فعرف بأمرهم رئيس الشرطة فأخذهم وحبسهم ثم سُئِلَ فيهم فأطلقهم فهذا أول اجتماع عام كان لهم.
في سنة 484 هـ/1091 م بعث حسن الصباح دعاته إلى منطقة كوهستان الجبليه على الحدود الحالية بين إيران وأفغانستان. وكانت تلك المنطقة في بداية الإسلام يعيش فيها المجوس الزرادشتيين ومن ثم أضحت معقل للشيعة. قدر حسن الصباح أن يضم سكان تلك المنطقة عن طريق استغلال حالة التذمر التي كانت هناك ضد السلاجقة فصارت تابعة للإسماعيليين. فاستغل حسن الصباح تذمر الناس من السلاجقة واستغل كذلك تراثهم الموالى للشيعة والإسماعيليين حتى تمكن أن يسيطر على أقاليم وقلاع كتيرة. ومنها قلعة وسنمكوه ملكوها وهي بقرب أبهر سنة 484 هـ/1091 م وتأذى منهم الناس لاسيما أهل أبهر فاستغاثوا بالسلطان بركيارق فجعل عليها من يحاصرها فحوصرت ثمانية أشهر، حتى أخذت منهم سنة 489 هـ/ 1096 م وتم قتل من كان بها.
قد بقي في القلعه بقية حياته ولم يخرج من القلعة مدة 35 سنة حتى وفاته. حيث كان جل وقته يقضيه في القراءة ومراسلة الدعاة وتجهيز الخطط. وكان همّه كسب أنصار جدد والسيطرة على قلاع أخرى. لذلك استمر بارسال الدعاة إلى القرى المحيطة برودبار المجاورة، ويرسل الجنود لأخذ القلاع عن طريق الخدع الدعائية، وإن فشلوا بذلك فإنهم يقتلون الناس ويرتكبوا المجازر، وقد أخذوا الكثير من القلاع والأماكن الصالحة لبناء القلاع الحصينة.
وقصة دخول حسن الصباح هي كما ذكرها ابن الأثير: أن الحسن الصباح كان يطوف على الأقوام يضلهم فلما رأى قلعة أَلَمُوت واختبر أهل تلك النواحي، أقام عندهم وطمع في اغوائهم ودعاهم في السر وأظهر الزهد ولبس المسح فتبعه أكثرهم وكان العلوي صاحب القلعة أحسن الظن به فكان يجلس إليه يتبرك به فلما أحكم الحسن أمره دخل يومًا على العلوي بالقلعة فقال له ابن الصباح: إخرج من هذه القلعة فتبسم العلوي وظنه يمزح فأمر ابن الصباح بعض اصحابه بإخراج العلوي فأخرجوه إلى دامغان واعطاه ماله وملك القلعة.. وقيل أنه اشتراها منه ب 3000 دينار ذهب.
لم يكن كل هم حسن الصباح في تنقلاته هو نشر دعوته وكسب الأنصار فحسب، بل أيضاً للعثور على مكان مناسب يحميه من مطاردة السلاجقة ويحوله إلى قاعدة لنشر دعاته وأفكاره، وقد عزف عن المدن لانكشافها، لذا لم يجد أفضل من قلعة أَلَمُوت المنيعة. فهي حصن قديم فوق صخرة عالية وسط الجبال على ارتفاع 2,100 متر (6,900 قدم). وبنيت بطريقة أن لا يكون لها إلا طريق واحد يصل إليها ويلف على المنحدر مصطنع (المنحدر الطبيعي صخوره شديدة الانحدار وخطرة), لذلك أي غزو للحصن يجب أن يحسب له لخطورة الإقدام لهذا العمل.