7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

أنتهت رحلة فدوى طوقان في مستشفى في مدينة نابلس في 12 ديسمبر في يوم الجمعة عام 2003 م حيث انتلقت إلى رحمته تعالى عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاماً، وقد كُتِب على قبرها عنوان قصيدتها الشهيرة (كفاني أظل بحضنها)، والتي كانت تقول فيها:
كفاني أموت على أرضها وأُدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى وأبعث عشباً على أرضها
وأبعث زهرة تعيث بها كف طفلٍ نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
تراباً وعشباً وزهرة

نالت الشاعرة فدوى طوقان العديد من الجوائز على امتداد مسيرتها الأدبية وهي:
جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر الأبيض المتوسط، باليرمو، 1978م.
جائزة عرار السنوية للشعر، رابطة الكتاب الأردنيين، عمان، 15 حزيران 1983م.
جائزة سلطان العويس، الإمارات العربية المتحدة، 1989م. وسام القدس ، منظمة التحرير الفلسطينية، 1990م.
جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، ساليرنو، إيطاليا 1992م.
جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، إيطاليا، 2000م. وسام الاستحقاق الثقافي، تونس، 1996م.
جائزة البابطين للإبداع الشعري، الكويت، 1994م. جائزة كفافيس الدولية للشعر، القاهرة، 1996م
جائزة الآداب منظمة التحريرالفلسطينية، 1997م. وسام أفضل شاعرة للعالم العربي مدينة الخليل.

تركت فدوى طوقان المؤلفات النثرية الآتية:[٥] ثماني مقالات في النقد والتعقيب كتبتها فدوى قبل كتاب "أخي إبراهيم" سنة (1942م) وقد جمعها يوسف بكار. كتاب أخي إبراهيم الذي صدر المكتبة العصرية في يافا سنة (1942م). كتاب رحلة جبلية، رحلة صعبة، وهو الجزء الأول من السيرة الذاتية للشاعرة، صدر عن دار الأسرار عكا سنة (1985م) ثمّ نشرته دار الشروق بعمان (1985-1989م). الرحلة الأصعب، هو الجزء الثاني من السيرة الذاتية، صدرعن دار الشروق، عمان سنة (1993م). كلمتا افتتاح وثلاث مقالات وعشرة حوارات.

: إنّ المصدر الثاني الذي نهلت منه فدوى ثقافتها فهو القراءة، لا سيما كتب الأدب واللغة ودواوين الشعراء الجاهليين والأمويين، فقد أقبلت عليها بنهمٍ وشغفٍ، وقد تحدثت عن ذلك قائلة: (كان عالمي الوحيد في ذلك الواقع الرهيب والمتّسم بالخواء العاطفي هو عالم الكتب والانكباب على الدرس والكتابة فأنا أقرأ إذن أنا موجودة، كنت قارئة شرهة غطت قراءاتي التراث العربي والأدب العربي المعاصر والآداب العالمية بما فيها الكتب الدينية)، وهكذا فقد استطاعت فدوى إثبات نفسها ووجودها عن طريق التعلم الذاتي بمثابرة وإلحاح رغم كلّ القيود التي فُرضت عليها من قبل أسرتها.

كان إبراهيم طوقان المنقذ لفدوى والذي أخرجها من حياة الظلمة إلى النور، فعند عودته عام 1929من أمريكا بعد إتمام دراسته الجامعية فيها لم يعجبه حال أخته وما تتعرض له من إساءةٍ وظلم، فأشفق عليها وأخرجها من القمقم الذي حُبست فيه إلى حيث جمال الطبيعة، فصار يصطحبها في رحلاته حول مدينة نابلس، وحين لمس ميلها للشعر كان يختار لها القصائد ويطلب منها حفظها ونسخها ثمّ إلقاءها، لكن سعادة شاعرتنا بوجود أخيها لم تكتمل ولم تدم طويلاً فقد اختطفه الموت منها وهو في ريعان الشباب عام 1941م، فحزنت على موته حزناً شديداً وكتبت فيه قصائد رثاء غايةً في الروعةِ

كان إبراهيم طوقان يشجع فدوى على تثقف نفسها بنفسها، كما ساعدها على صقل موهبتها في كتابة الشعر، فنجحت نجاحاً مبهراً وكان يكنيها (أم تمام) تشبيهاً لها بالشاعر أبي تمام، فبدأت فدوى بنشر شعرها تحت ألقاب مستعارة لا سيما شعر الغزل خوفاً من تعرضها للتعنيف الأسري، ومن هذه الألقاب المستعارة: (الدنانير)، و(المطوقة) الذي كان من أحب الألقاب إليها؛ إذ كان يعبر عن حالها كسجينة للعادات والتقاليد، وفي نفس الوقت يعبر عن انتمائها لعائلة طوقان، ثمّ أُطلقت على الشاعرة أيضًا فيما بعد ألقاب أخرى مثل: (زهرة البنفسج، والزيتونة المباركة، والسنديانة) كما أسماها محمود درويش (أمّ الشعر الفلسطيني)

تلقّت فدوى تعليمها الابتدائي في مدارس مدينة نابلس، لكنّها لم تتمكن من إكمال إلا المرحلة الابتدائية قبل أن تضطر لمغادرة المدرسة رغماً عنها، فقد شاء القدر أن تصطدم بصخرة التقاليد الأسرية الصارمة التي حرمتها من متابعة دراستها في المدرسة، ذلك المكان الوحيد الذي كانت تجد نفسها فيه، وقد عبرت فدوى عن ذلك في سيرتها فقالت: (فقد أثبتّ هناك وجودي الذي لم أستطع أن أثبّته في البيت)، وقبعت سجينة في البيت، لكنّها وجدت إلى جانبها أخيها إبراهيم طوقان الذي أخذ بيدها وأصبح معلّماً لها.

أما عن علاقة فدوى بوالدها فكانت باردة خالية من العاطفة، وكان سؤاله عنها عن طريق أمها ولم يكن هناك اتصال مباشرٌ معها، لدرجة أنه كان يتحدث معها بضمير الغائب حتى وهي أمام عينيه، وبالرغم من تلك العلاقة الباهتة بين فدوى ووالدها إلا أنها تأثرت بشخصيته الوطنية، وتعلمت منه عشق فلسطين، وقد ذكرت في سيرتها أنّها افتقدته افتقاداً حاداً عندما توفي لا سيما حين بدأت مشاكلهم العائلية، ومن الشخصيات التي تركت أثرها الذي لا يمحى في حياة فدوى أيضاً عائلة عمها التي كانت تعيش مع أسرتها في بيت العائلة الممتدة، فقد كان عمها شخصيةً معروفةً وصاحبة نفوذٍ وعزٍ وجاه، وكان يحسن معاملتها ويحن عليها ويشعرها بذاتها، لكن ابنة عمها شهيرة كانت مصدر إزعاج لها حيث إنّها سببت لها الكثير من المتاعب، ومما زاد الألم في نفس فدوى تلك الحياة التي كانت تعيشها شهيرة التي حظيت بالاهتمام والرعاية من قبل عائلتها وعاشت بانفتاحٍ وحرية، وهذا ما كانت فدوى محرومةً منه.

من بين الأشخاص الذين ظل تأثيرهم ملازماً لفدوى على مر الأيام والدتها، وقد تحدثت عنها بمرارة قائلةً: (عشر مرات حملت أمي، خمسة بنين أعطت إلى الحياة، وخمس بنات، لكنها لم تحاول الإجهاض قط إلا حين جاء دوري)، ولأنّ والدتها لم ترغب بقدومها إلى هذه الدنيا فقد أهملتها ولم تعتني بها كما تفعل الأمهات، وسلمتها إلى فتاة تسمى (سمراء) كانت تعمل خادمةً عندهم لتعتني بها وتلبي لها حاجاتها المادية والمعنوية، وكانت سمراء مصدر الحب والحنان الوحيد لفدوى.

عاشت فدوى طفولةً مكبوتةً نتيجةً للأوضاع والتقاليد الاجتماعية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وقد ساهمت هذه الأوضاع في حرمانها من مشاعر العطف والحنان بسبب تجاهل والديها وإهمالهما لها مما جعلها تعاني من طفولةٍ بائسةً، وظلت ذكرياتها الحزينة محفورة في أعماقها، حيث إنّ إحساس الطفل بأنّه مرفوض في أسرته مهما كانت الأسباب والظروف يترك جرحاً نفسياً عميقاً فيه يظل إلى الأبد، وقد عبرت فدوى عن ذلك الإحساس حين تحدثت في سيرتها الذاتية عن ذكريات طفولتها قائلةً: (إنّ المشاعر المؤلمة التي نكابدها في طفولتنا، نظل نحس بمذاقها الحاد مهما بلغ العمر)، وقد ظهر أثر رواسب تلك الطفولة المضطهدة بشكلٍ واضحٍ في أدب فدوى شعراً ونثراً.