7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

لزمت حفصة بيتها بعد وفاة النبي محمد، ولم تخرج منه، بعد حروب الردة، وما أصاب المسلمين من فقد الكثير من حفظة القرآن. قرر أبو بكر جمع القرآن بمشورة من عمر بن الخطاب، فأمر زيد بن ثابت بجمعه في مصحف واحد ظل عند أبي بكر حتى وفاته، ثم صار عند عمر. وبعد وفاة عمر، صار هذا المصحف في حوزة حفصة. ثم اختلف الناس في زمن عثمان بن عفان، لاختلاف القراءات حول أيها أصح، فأرسل عثمان إلى حفصة يطلب المصحف لينسخ منه عدداً من النسخ. وحين حضرت عمر الوفاة أوصى إلى حفصة بعد موته بصدقة تصدق بها بمال وقفته بالغاية، وأوصت حفصة إلى أخيها عبد الله بنفس الأمر. ولما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة إثر الفتنة التي ضربت المسلمين بعد مقتل عثمان بن عفان، همَّت حفصة بالخروج معها، إلا أن أخاها عبد الله بن عمر حال بينها وبين الخروج.

ورد أن النبي أراد أن يُطلق حفصة ثم رجع عن ذلك، فعن عمار بن ياسر قال: أراد رسول الله ﷺ أن يطلق حفصة، فجاء جبريل فقال: «لا تُطَلِّقْها؛ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ.». وقيل بل طلقها بالفعل فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مَظْعُون، فبكت وقَالت: وَاللَّهِ مَا طَلَّقَنِي عَنْ شِبَعٍ ثم جاء النبي فردّها فقال: «فَقَالَ: قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام: رَاجِعْ حَفْصَةَ؛ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ.». ورُوي أنه لما طلقها بلغ ذلك عمر فوضع التراب على رأسه، وجعل يقول: ما يعبأ الله بعمر بعد هذا، فنزل جبريل من الغد على النبي فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تراجع حفصة رحمةً لعمر. ثم بعد ذلك بمدة دخل عمر على حفصة وهي تبكي، فقال لها: "ما يبكيك؟ لعل رسول الله ﷺ قد طلقك؟ إنه كان طلقك مرة ثم راجعك من أجلي، إن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدًا.

أما عن سبب طلاقها، فلم يرد فيه نصٌ صريحٌ؛ إلا أن بعض العلماء ربطوا هذا الطلاق بسبب إفشائها لسره الذي أسره إليها.

عُرف عن حفصة غيرتها على النبي محمد من زوجاته الأخريات، فقد روى البخاري أن نساء النبي محمد كن حزبين، حزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر فيه أم سلمة وباقي نساء النبي محمد. ومما ورد في غيرتها، غيرتها من أم المؤمنين صفية، فقد روى أنس بن مالك أن صفيَّة بلغها أن حفصة قالت: «صفيَّة بنت يهودي»، فبكت واشتكت للنبي محمد، فقال لصفية: «إِنَّكِ لابْنَةُ نَبِيٍّ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ، فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟» ثم قال لحفصة: «اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ».

أصدقها النبي صداقًا قدره 400 درهم، وأمهرها النبي بساطًا ووسادتين وكساءً رحبًا، يفترشان في القيظ(1) والشتاء نصفه ويلتحفان نصفه، وإناءين أخضرين، وأولم عليها المهاجرين دون الأنصار وطبة(2) بسمن وتمر وعجوة وسويقًا(3) ملتوتًا. وأطعمها النبي في إحدى الغزوات ثمانين وسقًا من شعير وقيل من قمح. وحجت حفصة مع النبي حجة الوداع.

كان زمن زواجها بالنبي في شهر شعبان من السنة الثالثة من الهجرة، وهو القول الأشهر لكون وفاة زوجها كان في هذه السنة، بينما قال آخرون أنه كان في السنة الثانية من الهجرة، وهو قول الذين قالوا بوفاة خنيس بعد غزوة بدر. وحدد ابن زبالة زمن الزواج في شهر شعبان 2 هـ بعد 30 شهرًا من الهجرة قبل غزوة أحد بشهرين، وكذلك قال النووي. واتفقوا على أن زواجها كان بعد زواج النبي محمد من عائشة، وهي الرابعة في ترتيب زوجاته بعد خديجة وسودة وعائشة. وكان عمر حفصة نحو 20 عامًا.

لما تُوفي خنيس، أراد عمر أن يزوج ابنته حفصة لعثمان بن عفان بعد وفاة زوجته الأولى رقية بنت النبي، فعرض عمر زواج حفصة على عثمان، فقال عثمان: ما لي في النساء حاجة. ثم عرضها عمر على أبي بكر الصديق، فسكت أبو بكر ولم يرجع إليه بشيء، فحزن عمر لذلك، يقول: «فكنت عليه أوجد مني على عثمان». فمكث ليالي حتى خطبها النبي محمد لنفسه، ورُوي أن عمر أتى النبيّ، فقال: «لقيت عثمان فرأيت من جزعه فعرضت عليه حفصة. فقال له النبيّ: ألا أدلّك على ختن هو خير من عثمان وأدلّ عثمان على ختن هو خير له منك؟" قال: بلى يا رسول الله، فتزوّج النبيّ حفصة وزوّج بنتًا له عثمان». فتزوج النبي حفصة، وتزوج عثمان أم كلثوم بنت النبي.

هاجرت حفصة مع زوجها إلى المدينة المنورة حين هاجر المسلمون، وقد شهد زوجها خنيس غزوتي بدر وأحد مع النبي محمد. وأُصيب في غزوة أحد، وتوفي خنيس سنة 3 هـ في المدينة المنورة متأثرًا بجراحه، وقيل: بل أُصيب ببدر وتوفي بعدها، ودُفن في البقيع إلى جانب قبر عثمان بن مظعون. ولم يكن له ذُرِّيَّة منها.

تُرجِّحُ المصادر أنها أسلمت عند إسلام أبيها عمر بن الخطاب في شهر ذي الحجة من السنة الخامسة من البعثة، وعمرها حينئذ عشر سنوات. تزوَّجت حفصة من خُنَيْس بن حذافة بن عدي السهمي، ولم تحدد كتب السير سنة زواجهما، وكان خُنَيْس من السابقين الأولين إلى الإسلام، إذ أسلم قبل دخول النبي محمد دار الأرقم ليدعو إلى الإسلام فيها. وكان خُنَيْس قد هاجر منفردًا الهجرة الثانية إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة ثم عاد إلى مكة، ويُرجح أنه تزوج حفصة بعد عودته من الحبشة، إذ لم تذكر كتب السير أن حفصة هاجرت إلى الحبشة.

حفصة هي أكبر أبناء عمر بن الخطاب سنًا، ولها العديد من الإخوة أشهرهم أخوها لأبيها وأمها عبد الله، وهي أسنُّ من عبد الله بست سنين. ولهما أخ آخر شقيق اسمه عبد الرحمن الأكبر تمييزاً له عن أخوين آخرين من أبناء عمر بن الخطاب ثلاثتهم يحملون الاسم نفسه «عبد الرحمن». وقد أشار ابن سعد في طبقاته إلى أخت لحفصة تسمى فاطمة، ولم يرد ذكرها في أي كتاب آخر.

أبوها هو عمر بن الخطاب أحد كبار الصحابة والخليفة الثاني للنبي محمد بعد أبي بكر الصديق، وأمها هي زينب بنت مظعون الجُمَحية التي هي أخت الصحابة عثمان وعبد الله وقدامة بني مظعون الجمحي، وعمة الصحابي السائب بن عثمان بن مظعون، وقيل إنها هاجرت ولكن لا دليل يُثبتُ ذلك، وقيل تُوفِّيَت قبل الهجرة.