قصف الإسكندرية
تزعمت بريطانيا جهود القضاء على عرابي بينما تراجع الدور الفرنسي (المنافس التقليدي للدور البريطاني) إلى الاكتفاء بالمشاهدة وسحبت فرنسا أسطولها إلى بورسعيد. انتظرت بريطانيا أي فرصة لبدء العدوان على مصر حيث أنها لم تكن مرتاحة لفكرة التدخل التركي لحل الأزمة. في السابع من يوليو وجدت بريطانيا الذريعة التي كانت في انتظارها. كانت الحكومة المصرية قد نصبت بعض المدافع على قلعة الإسكندرية فاعتبرت بريطانيا أن هذا عمل عدائي ضد حكومة صاحبة الجلالة. في (24 شعبان 1299 هـ = 10 يوليو 1882 م) وجه قائد الأسطول البريطاني إنذارا للحكومة المصرية إما تسليم القلعة للأسطول البريطاني وإلا سوف تضرب الإسكندرية من البحر. مارس الخديوي توفيق لعبته المعتادة حين قابل «عرابي» وشجعه على مقاومة المعتدين بينما كان قد اتصل سراً بقائد الأسطول البريطاني ودعاه إلى الهجوم على عرابي. لم يقبل «عرابي» الإنذار البريطاني وانتظر تنفيذ البريطانيين لتهديدهم. بدأ الإنجليز في ضرب الإسكندرية يوم 12 يوليو 1882 ونزلت قواتهم إليها في اليوم التالي بعد أن قرر «عرابي» سحب قواته منها والتحصن عند كفر الدوار.
حين سمع الخديوي توفيق بانسحاب «عرابي» أمام الإنجليز تشجع وظهر على حقيقته حيث أعلن «عرابي» متمردا في الرابع والعشرين من يوليو. وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصر الرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر رأس التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة. ثم أرسل الخديوي إلى «أحمد عرابي» في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته. صارت المواجهة مكشوفة بين كل الأطراف منذ ذلك التاريخ.
قررت الحكومة البريطانية أن تكون المواجهة شاملة وأن تكون الحرب كاملة، فجلبت المزيد من قواتها إلى الحرب. تم تحريك 15,000 جندي من مالطة وقبرص بالإضافة إلى 5,000 من الهند باتجاه مصر مما رفع تعداد قوة الهجوم على مصر إلى 30,000 جندي وضعت تحت قيادة السير جارنت ولسلي.