7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

كما استدل الفقهاء خاصة المُعاصرين بخيمة رفيدة الطبية بالمسجد النبوي كدليل على جواز تحويل المسجد إلى مستشفى في أوقات الضرورة. وفي أبريل 2020 أفتى الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محي الدين القره داغي بجواز تحويل أجزاء من المساجد إلى «مستشفيات مؤقتة» لعلاج المصابين بمرض فيروس كورونا 2019 (اختصارًا كوفيد-19)، وأشار إلى أن «الصحابية رفيدة كان لها خيمة داخل المسجد لعلاج الجرحى».

تدل الفقهاء المسلمون عددًا من الأحكام الفقهية من الأخبار المروية عن مداواة رفيدة للجرحى والمرضى وغيرها من نساء المسلمين، منها جواز تَطْبِيْب المرأة للرجل، قال ابن حجر في فتح الباري: "فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة. قال ابن بطال: ويختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن؛ لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه، بل يقشعر منه الجلد، فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس".

قرر مجلس وزارة الصحة العرب التابع لجامعة الدول العربية في دورته التي عُقدت بالكويت عام 1978م منحَ جائزةٍ لأوائل خريجي معاهد ومدارس التمريض في الدول العربية، تُسمى «جائزة رفيدة الأسلمية»،(1) ولكن القرار لم يُنفذ. كما تمنحُ المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر «وسام رفيدة الأسلمية»، والذي كان قد مُنح للمرة الأولى في السعودية عام 1995، حيث تمنحه المُنظمة منذ ذلك الوقت عبر منافسةٍ بين الجمعيات الوطنية العربية.

طلق اسم رُفيدة الأسلمية على عددٍ من المدارس في فلسطين والأردن ومصر والكويت والسعودية، وعددٍ من الشوارع في الأردن والسعودية. كما أُطلق اسمها على كليةٍ في الأردن تحمل اسم «كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة» في مدينة الرصيفة التابعة لمحافظة الزرقاء، وكانت قد تأسست في 7 فبراير 1991 بعد دمج عددٍ من الكليات، وفي عام 2012 أُدمجت مع معهد المهن الطبية المساندة في مدينة عمّان ليُصبح اسمها «كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة والمهن الطبية المساندة»، حيثُ تتبع قسم التمريض والقبالة والمهن الطبية المساندة في وزارة الصحة الأردنية، وكان قد بلغ عدد طلاب هذه الكُلية حوالي 730 طالبًا وطالبة في عام 2013. كما أُطلق اسمها على مبنى كلية التمريض والقبالة في جامعة الآغا خان في باكستان.

يذكر الكاتب محمد حامد محمد أن رُفيدة كانت تدخل أرض المعارك وتحمل الجرحى، وتُضمِّد جراحاتهم، وتُسعفهم، وتسهر على راحتهم، وتواسيهم، وأنها كانت تنقل في خيمتها متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها على ظهور الجِمال إلى أرض المعارك، ثم تُقيمها أمام معسكر المسلمين. ويذكر أنها كوَّنت فريقًا من «المُمرضات» تتقسم واجباتهن على رعاية المرضى، وأنها كانت ثرية تنفق من حُرّ مالها على ذلك. وأنها كانت ماهرة في الجراحة، ولمَّا رأت انغراس السهم في أكحلُ سعد بن معاذ؛ سارعت إلى إيقاف النزيف، وأبقت السهم حتى لا يزداد النزيف. ويصفها بأنها «صاحبة الخيمة الطبية الأولى في التاريخ».

رفت رُفيدة الأسلمية كممرضة معطاءة من خلال مهاراتها الطبية، في أوقات الحروب والسلم، ولم تكن بمفردها؛ فكان معها نسوة يساعدنها. وتعتقد بعض المصادر أنّ رُفيدة الأسلمية قامت بتدريب نساء أخريات، من ضمنهن أمهات المؤمنين مثل عائشة بنت أبي بكر لكي يصبحن ممرضات ومن أجل العمل في مجال الرعاية الصحية. كما يصفها البعض بأنها كانت أخصائية اجتماعية، ساعدت في حل المشكلات الاجتماعية المتعلقة بالأمراض ومساعدتها للأطفال المحتاجين ورعاية الأيتام، والمعاقين والفقراء.

يقال أن رفيدة أيضا كانت تمد الجنود الجرحى بالرعاية أثناء الجهاد، وتوفر المَآوِي من الرياح وحرارة الصحراء القاسية لمن هم على وشك الموت. يذكر يوسف الحاج أحمد أن النساء المداويات للجرحى في الغزوات كُنَّ في الغالب برفقة زوجة النبي التي يصطحبها في الغزوة، فيقول: «وكانت الصحابية المتطوعة للتمريض، يُخيرها رسول الله بين أن أن تكون في رفقة قومها أو أن تكون في رفقة أم المؤمنين التي كانت قرعتها في الخروج معه عليه السلام، ولقد اشتهرت رفيدة الأنصارية بمداواة الجرحى في العهد النبوي».

عتقد بعض المصادر أن رُفيدة نشأت في عائلة لها صِلَة قوية بالطب، وأن والدها «سعد الأسلمي» كان طبيبًا ومعلمها الخاص حيث اكتسبت رُفيدة منه خبرتها الطبية. ولذلك كرست نفسها للتمريض ورعاية المرضى، وأصبحت طبيبة متخصصة. وعلى الرغم من استحواذ الرجال وحدهم بعض المسؤوليات كالجراحة وبتر الأعضاء، مارست رُفيدة الأسلمية مهاراتها في خيمتها التي كانت تُقام في العديد من الغزوات، حتى في المسجد النبوي نفسه؛ حيث أمر النبي مُحمَّد بنقل الجرحى إلى خيمتها، والتي توصف بأول مستشفى ميداني في الإسلام.

كر المؤرخون أول مشاركة لها في الغزوات في العصر النبوي في غزوة الخندق، حيث أُقيمت لها خيمة في المسجد النبوي بها تحتوي الأربطة والأدوية والأعشاب والأقطان لمداواة المرضى والجرحى، حتى اشتهر أن امرأةً تُداوي الجرحى، وكانت تحتسب بنفسها على خِدْمة مَنْ كانت به ضَيْعة من المسلمين. حتى أُصيب سعد بن معاذ بسهم في غزوة الخندق، فأمر النبي الصحابة أن يُحولوه إلى خيمة رفيدة، وكان النبي يمر على خيمتها فيتفقد الجرحى ويتفقد حال سعد بن معاذ.

لم يذكر الرواة الكثير من التفاصيل عن حياة رفيدة؛ لكنها ولدت على الأرجح في يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، حيث تسكن قبيلتها وأهلها، وعاشت هناك حتى هاجر النبي محمد وأصحابه من المهاجرين إلى المدينة، فأسلمت رفيدة وبايعت النبي محمد بعد الهجرة. وكانت من أوائل أهل المدينة دخولاً في الإسلام، فذكرها ابن سعد البغدادي في تسمية غرائب نساء العرب المسلمات المبايعات، وذكرها ابن حبيب في المبايعات من نساء بني زهرة نقلًا عن الواقدي، وذكرت بعض المصادر أنها كانت من النساء اللاتي استقبلن النبي محمد عند قدومه المدينة، وذكر جميع من ترجموا لها أنه كانت لها خيمة تداوي فيها الجرحى. قال ابن حزم الأندلسي: «رفيدة الأسلمية كانت امرأة صالحة تقوم على المرضى، وتداوي الجرحى».