7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

حَكَمَ المستنصر طوال ثمانية عشر عامًا، ترك فيها أثرًا طيبًا في تاريخ الدولة، وقد زار مصر الرحالة الفارسي ناصر خسرو فأشاد برخاء مصر وأمنها، ونظمها ومدنها وغناها وثروتها وحضارتها وصف المعجب بما رأى وشاهد، لكن انهارت الأوضاع في أواخر حكمه وتصاعدت الصراعات على السلطة إلى أن توفي المستنصر في 29 ديسمبر 1094م عن عمر يناهز سبعة وستين عامًا.

انهار حكم المستنصر في بلاد الشام أيضا، فاستقل قاضي صور بمدينته وخرجت طرابلس من سلطان الفاطميين، وتتابع ضياع المدن والقلاع من أيديهم، فاستقلت حلب وبيت المقدس والرملة عن سلطانهم ثم تبعتهم دمشق في العام التالي.

لم تقتصر معاناة البلاد على اختلال الإدارة والفوضى السياسية، فجاء نقصان منسوب مياه النيل ليضيف إلى البلاد أزمة عاتية.
وتكرر هذا النقصان ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة داهية امتدت لسبع سنوات متصلة من 1065م إلى سنة 1071م وعُرفت هذه المجاعة بالشدة المستنصرية أو الشدة العظمى.

سيطر المستنصر على الدولة سيطرة تامة وأحسن سياستها فامتد سلطان الخلافة ليشمل بلاد الشام وفلسطين والحجاز وصقلية، وشمال أفريقيا، وتردد اسم الخليفة على المنابر في هذه البلاد. وتطلع إلى بغداد حاضرة الخلافة العباسية السُّنّية ليضمها إلى سلطانه، فنجح في استمالة "أبي الحارث أرسلان البساسيري" أحد قادة العباسيين، ومدّه بالأموال والذخائر فثار على الخليفة العباسي واستولى على بغداد.

بدأ المستنصر حُكمه بإظهار مهارة عالية في القيادة بفضل الوزير القوي أبي القاسم علي بن أحمد الجرجرائي، وكان قد سبق له أن عمل وزيرًا في عهد الحاكم بأمر الله وابنه الظاهر، وأكسبته هذه السنوات خبرة واسعة ودراية بشؤون الحكم.

وصل الخليفة الحكم إلى حالة عجز عقيمة الحلول من بعد الخراب الذي خلّفته والدته، فباع أملاكه إثر ذلك، وسقط مُلكه، وخرجت البلاد عن سيطرته، بعد ذلك تمالك الخليفة قواه وأخذ يُفكر في إعادة الأمور إلى نصابها، وتخليص البلاد ممّا حلّ بها؛ فاستعان بوزيره في عكا بدر الجمالي كقوة عسكرية لفرض النظام، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى الدولة والذي استطاع أن يعيد نفوذ الخليفة على جميع بلاد.

لم يطول استقرار الدولة الفاطمية طويلاً وبدأ الحال يميل إلى الاضطرابات الداخلية تحديداً من بعد وفاة الجرجرائي، وتسلُّم أُمّ المستنصر بالله مقاليد الحكم الأمور التي أودت الدولة إلى حالة من الضعف والوهن.

متدَّ سلطان دولته إلى جميع أرجاء الأرض ولم يكتفي بذلك، فأصبح الحكم يتطلع لضم بغداد إلى حدود دولته بأخذها من الحكم العباسي واستطاع بالاحتكام إلى عقله وذكائه وفطنته بجذب واستمالة أحد قادة بغداد القائد البساسيري الذي تعاون معه؛ فمدّه بالأموال والذّخيرة، وانقلب مع الخليفة الحكم ضدّ الخليفة العباسيّ

شهدت دولة الحكم المستنصر بالله عهديّ ازدهار واضطراب كما يحدث في أي خلافة وكانت خلافته صلبةً زاهيةً وقويّة؛ إذ أنّه كان يُلاقي الدعم والمؤزارة من الوزير القوي أبي القاسم عليّ بن أحمد الجرجرائي، الذي سانده في بداية حكمه.

ولم تتوقف مكانة الحكم المستنصر بالله في حلقات العلم والعلماء، إذ أنّه كانَ رجلاً يخافُ الله حقّاً فعلاً لا قولاً فكان له الكثير من المواقف التي تشهد له بذلك؛ حيثُ أنَّهُ عزم على قطع كل أشجار العنب الموجودة في جميع أرجاء الأندلس كخطوة لمكفاحة وردع انتشار الخمر. وكان إنساناً عدلاً يتقي الله في أحكامه ورفيقاً برعيته.