7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

كان الفاتح أشد سلاطين الدولة العثمانية حزما وعزما، وخلال حكمه الذي استمر لنحو 30 عاما، وسّع فتوحاته حتى دانت له آسيا الصغرى وبلاد اليونان ومعظم شبه جزيرة البلقان، وأصبح البحر الأسود بحيرة عثمانية بعد استيلائه على القرم، كما سيطر على الجزر الأيونية الواقعة بين إيطاليا واليونان، وأخضع مدينة تارنتو وهدد إيطاليا والبابوية وأوروبا بأسرها، وكان من أكبر إنجازاته القضاء على الدولة البيزنطية وفتح مدينة القسطنطينية.

العوده الي مصر :-
ما لبث ابن خلدون بعد الوصول للقاهرة حتّى ردوا له منصب القضاء؛ وكان حينها قد بلغ من العُمر أربعة وسبعين عاماً، لكنه ما فتئ يحلم بأن يرقى في المناصب، ويقول في وصف ذلك أحد مؤرخي مصر: «رحمّه الله، ما كان أحبَّه في المنصب». وكانتِ المناصب مكاناً للمعارك بين الخصوم فقد أشاع أعداء ابن خلدون أنّه قضى في حوادث دمشق في سعيهم لإقصائه تماماً، لكنّه استعاد المنصب بعد رجوعه وبقي فيه قُرابة عامٍ قبل أن تودي به الدسائس للعزل في رجب من سنة 804هـ، وولّي على المنصب شمس الدين البساطي والذي عُزل بعد ثلاثة أشهر وأُعيد ابن خلدون إليه في السادس عشر من ذي الحجة قبل أن يُعزل مرّة أُخرى في السابع من ربيع الأول سنة 806هـ ويُعاد البساطي.

لكن ابن خلدون رُدّ لمنصب القاضي للمرة الخامسة في شعبان من سنة 807هـ وعُزل بعد ثلاثة أشهر في 26 من ذي القعدة، وخلفه جمال الدين الأقفهسي الذي استمر في المنصب لثلاثة شهورٍ وخلفه جمال الدين التنسي ثمّ أُعيد البساطي في ربيع الأول سنة 808هـ(5) وعُزل في شعبان من العام نفسه ليعود ابن خلدون للمرّة السادسة لولاية القضاء ويمكث بها أسابيع حتّى وفاته.

حياته في دمشق :-
قضى ابن خلدون أربعة عشر عاماً بعيداً عن منصب القضاء، لكن السلطان ردّه إليه في منتصف رمضان سنة 788هـ 1398م، وبعد توليه المنصب بقليل توفي السطان وبدأت الفتن، فلمّا استقرت الأمور استأذن ابن خلدون للسفر لبيت المقدس فأُذن له وجال بها وعاد سنة 802هـ وعُزل من منصب القضاء في السنّة التالية. وأثناء إقامته في مصر وصلت أخبار تيمورلنك الذي دخل الشام واستولى على حلب بسفكٍ وتخريبٍ رهيبين سنة 803هـ 1400م، وبدأ يتحرك اتجاه دمشق. اهتزت مصر لهذه الأخبار فحشد الناصر فرج جيوشه لملاقاة تيمورلنك واصطحب قضاته الأربعة معه. انطلقت الحملة في ربيع الثاني 803هـ ووصلت في جمادى الأولى ونزل ابن خلدون مع عدّة فقهاء في المدرسة العادلية بينما اشتبك جند مصر تواً مع جيش تيمورلنك حيث ثبت الجيش المصري لتبدأ مفاوضات الصُلح بعدها.

انتشرت الخلافات في معسكر السلطان الناصر وعاد بعضهم إلى مصر، فلمّا تبين للسلطان أنّهم قد اعتزموا خلعه عاد لمصر، في الأثناء قرر ابن خلدون أن يتسلّح بالجرأة ويستأمن على نفسه عند تيمورلنك ويُفاوض على تسليم دمشق دون قتال، ويقول ابن خلدون واصفاً دخوله: «ودخلت عليه بخيمة جلوسه، متكئاً على مرفقه، وصحاف الطعام تمر بين يديه تشريها إلى عصب المغل، جلوساً أمام خيمته حلقاً حلقاً. فلما دخلت عليه، فانحنيت بالسلام وأوميت إيماءة الخضوع، فرفع رأسه، ومد يده إلي فقبلتها، وأشار بالجلوس فجلست حيث انتهيت، ثم استدعى من بطانته الفقيه عبد الجبار بن النعمان من فقهاء الحنفية بخوارزم فأقعده يترجم بيننا».

أقنع ابن خلدون وجهاء دمشق بحقن الدماء وتسليم المدينة ودخلوا على سلطان التتار تيمورلنك وقدموا له الطاعة، وبطلبِ من تيمورلنك أمضى ابن خلدون أياماً في كتابة رسالةٍ يصف بها أحوال المغرب فلمّا سلمها للسطان أمر بترجمتها للمغولية. كان المفترض بأن دمشق سُلمت بدون قتال، لكن المغول احتجوا على بقاء قلعتها صامدة فأطبقوا عليها الحصار حتّى استسلمت ودخلوها فأكثروا من السفكِ والتنكيل وكرروا ما فعلوه بحلب، غير أنّ ابن خلدون لم يقطع صلته بتيمورلنك والتحدث معه وأهداه نسخةً من القرآن الكريم، ولمّا عرف تيمورلنك بأن الكتاب هو القرآن وضعه على رأسه.

يؤكد ابن خلدون أنّه كان الوسيط والمفاوض، لكن عدداً من المؤرخين يوردون روايةً مخالفةً، إذ يقول المقريزي إن من فاوض تيمورلنك هو القاضي تقي الدين ابن مفلح الحنبلي ويؤيده آخرون مثل ابن اياس الذي يقول إنّهم اختاروا ابن مفلح لإجادته التركية. غير أن المقريزي يؤكد صلّة ابن خلدون بالسلطان ويؤكد أنّه أذن له بالعودة للقاهرة فغادر دمشق في رجب سنة 803هـ، واعترضه قطاع طرقٍ فسلبوه ماله إلاّ أنّه وصل القاهرة سالماً في السنة نفسها.

نُصّب سلطانا على الدولة مرتين المرة الأولى في حداثة سنه حين تنازل له والده عن العرش، فبعد صراعات وحروب طويلة خاضها السلطان مراد الثاني أبرم معاهدة صلح مع المجر لمدة 10 سنوات في يوليو/تموز 1444 ميلادي، وما أن فرغ من أمور الهدنة حتى فُجع بموت ابنه الأكبر الأمير علاء، واشتد حزنه عليه وزهده في الدنيا والملك إلى درجة تركه الحكم لابنه محمد الذي كان صبيا يافعا لا يتعدى الـ14 من عمره.

كان محمد الفاتح منفتحا على الثقافة الغربية والدين المسيحي، فقد نمّى اطلاعه على الثقافة الغربية، عندما كان أميرا على قصر مانيسا وكان في بلاطه "شيرياكو دان كونا" (Ciriaco d’Ancona) عالم إنساني إيطالي وكذلك إيطاليون آخرون، وكانوا يقرؤون له التاريخ الروماني والغربي.

كان محمد الفاتح مغرما بالفنون فكان يجيد الرسم والعزف على الآلات الموسيقية وحفظ الشعر ونظمه، وكان يكتب أشعاره تحت اسم "عونى"، وذلك على طريقة الإيرانيين في اختيار اسم شعري لهم، وله ديوان شعر محفوظ في 22 ورقة.

اهتم محمد الفاتح بدراسة التاريخ وقراءة سير العظماء والأبطال، واستوعب تاريخ الإسلام، وكان على دراية بقضايا فلسفة الدين، كما دأب منذ حداثة سنه على مراسلة العلماء والشعراء في فارس والهند وتركستان ومصر وغيرها من البلاد الإسلامية.

وقد نشأ السلطان محمد الفاتح في القصور الملكية بأدرنة بجوار والده وتحت رعايته، إذ اهتم بتنشئته وتربيته جسميا وعقليا ودينيا ليكون قادرا على الاضطلاع بأمور الحكم، فدربه على ركوب الخيل والرمي بالقوس والضرب بالسيف، وحرص على تأهيله علميا وعمليا إلى جانب ما ورثه عن أبيه من الجَلَد والشجاعة وشدة المراس والصبر على المكاره وعدم اليأس.

ولد محمد الفاتح بن السلطان مراد الثاني في مدينة أدرنة التركية عاصمة الخلافة العثمانية آنذاك. ويلقبه شعبه بأبي الخيرات، واختُلف في تاريخ مولده، فذهب بعض المؤرخين إلى أنه ولد يوم 20 أبريل/نيسان 1429، وقال آخرون إنه ولد يوم 30 مارس/آذار 1432.

قام محمد الفاتح بفتح القسطنطينية وبلاد موره وحارب المجر، ووحد الأناضول، وحارب أمير الفلاخ، وفتح البوسنة والعداء مع البندقية، وفتح إمارة قرمان وحارب المغول، وحارب البغدان، وأنهى الصراع مع البنادقة، وفتح مدينة أوترانت، وجزر اليونان، وحاصر جزيرة رودوس