7JEWMSJD2M

إستكشف المشاركات

استكشف المحتوى الجذاب ووجهات النظر المتنوعة على صفحة Discover الخاصة بنا. اكتشف أفكارًا جديدة وشارك في محادثات هادفة

كانت الطائف تلك الأيام بين ولاية عبد الله بن الزبير، وبين وِلاية الأمويين، لكن أصحاب عبد الله بن الزبير تجبَّرُوا على أهل الطائف، فقرَّر الحجاج الانطلاق إلى الشام، حاضرة الخلافة الأموية المتعثرة، التي تركها مروان بن الحكم نهباً بين المتحاربين. قد تختلف الأسباب التي دفعت الحجاج إلى اختيار الشام مكاناً ليبدأ طموحه السياسي منه رغم بُعدِ المسافة بينها وبين الطائف، وقرب مكة إليه، لكن يُعتقد أن السَّبب الأكبر كراهته لولاية عبد الله بن الزبير.

وُلِدَ في منازلِ ثقيف بمدينة الطائف، في عام الجماعة 41 هـ. وكان اسمه كُليب ثم أبدَلَهُ بالحجَّاج. وأمُّه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي الصحابي الشهيد. نشأ في الطائف، وتعلَّم القرآن والحديث والفصاحة، ثم عمل في مطلع شبابه معلم صبيان مع أبيه، يعلم الفتية القرآن والحديث، ويفقههم في الدين، لكنه لم يكن راضياً بعمله هذا، على الرغم من تأثيره الكبير عليه، فقد اشتُهِر بتعظيمه للقرآن.

أمره عبد الملك بقِتالِ عبد الله بن الزبير، فزحف إلى الحجاز بجيشٍ كبيرٍ وقتل عبد الله وفرَّق جموعه، فولاَّه عبدُ الملك مكة والمدينة والطائف، ثم أضاف إليها العراق والثورة قائمة فيه، فانصرف إلى الكوفة في ثمانية أو تسعة رجال على النجائب، فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين عامًا. بنى مدينة واسط ومات بها، وأجري على قبره الماء، فاندرس. وكان سَفَّاكاً سَفَّاحاً مُرْعِباً باتِّفاقِ مُعْظَمِ المُؤَرِّخِين. عُرف بـالمبير أي المُبيد.

أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي (40 هـ/660 م - 95 هـ/714 م)، قائد وسياسي أموي، وُلِدَ ونَشأَ في الطائف وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مروان فكان في عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قَلَّدَه عبد الملك بن مروان أمر عسكره.

مرض السفاح بالجدري وهو بالانبار، وتوفي يوم 13 من شهر ذي الحجة سنة 136هـ عن عمر ناهز اثنين وثلاثين سنة، وخلفه أخوه أبو جعفر المنصور.

كان السفاح ذا قدر وفير من الذكاء والدهاء والعزم والفهم، وقال عنه ابن دحية الكلبي: ” كان السفاح كريمًا سخيًّا بالأموال، حسن الأخلاق، متألفًا للرجال، ماضيَ العزيمة، صعبَ الشكيمة، ذا سطوة على الأعداء، متواضعًا للأولياء والأصحاب، زاد في أعطيات الناس، وكان يأكل معهم الطعام”.

لم يهدأ السفاح حتى هزم عمُّه عبد الله الخليفةَ مروان الثاني وطارده حتى مصر وقتله، ثم حاصر أبو جعفر المنصور ابن هبيرة وقتله مع أتباعه، ثم تتبّع أمراء بني أمية ومؤيّديهم فقضى عليهم حتى لم يكد ينجو منهم أحد، وهكذا صارت كل أراضي الدولة الأموية تابعة لبني العباس عدا الأندلس التي استقل بها بعد ذلك عبد الرحمن بن معاوية الأموي وأسس فيها دولته.

قامت الدعوة العباسية على أكتاف الدعاة والنقباء فهم الذين توغّلوا في المدن لدعوة الناس وهم الذين قادوا الجيوش في ساحات القتال، لذا فقد ارتأى أبو العباس بعد تولّيه الخلافة أن يُقحم أفراد عائلته في شؤون الحكم وأمور الحرب حتى يوطّد دعائم البيت العباسي ولا ينفرد الآخرون بالسلطة دونهم، فعيّن عمّه عبد الله بن علي قائدًا للجيش الذي توجّه لقتال مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وأرسل أخاه أبي جعفر المنصور لقتال يزيد بن عمر بن هبيرة، وجعل عمّه سليمان بن علي واليًا على البصرة وأعمالها، وعمّه إسماعيل بن علي واليًا على كور الأهواز، وولّى عمّه داوود بن علي على اليمن والحجاز.

قد رُوي عن عم السفاح عيسى بن علي أنه وجد في وجهه يوم عيد الأضحى في آخر النهار حبتان صغيرتان ثم كبرتا حتى امتلأ وجهه بالحبوب البيضاء الصغيرة، فعرفوا أنه جدري، وفي اليوم الثاني اشتد المرض به حتى أصبح لا يعرف أي أحد، وفي مساء هذا اليوم انتفخ وجهه، وتوفي في اليوم الثالث، وقد كانت وفاته في يوم 11 ذو الحجة وقيل 13 ذو الحجة من العام 136 هـ عن عمر ناهز الثلاثة والثلاثين، وقيل اثنان وثلاثون، وقيل ثمانٍ وعشرون عامًا، وصلى عليه عمه عيسى بن علي، ودفنه في الأنبار.

قيل إن السفاح نَظَر يومًا في المرآة، وكان السفاح جميل الوجه، فقال: «اللهم لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك: أنا الخليفة الشاب، ولكن أقول: اللهم عمرني طويلًا في طاعتك، ممتعًا بالعافية»، فعندما أنهى كلامه سمع غلامين يتحادثان، فقال غلام لآخر: «الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام»، فتشاءم السفاح من كلامه، وقال: «حسبي الله، لا قوة إلا بالله، عليه توكلت وبه أستعين»، فمات بعد شهرين وخمسة أيام.